بلدية الزرقاء.. المغرم والمغنم


نقل موقع جو 24 خبرا مفاده ان مجلس الوزراء وافق على منح بلدية الزرقاء قرضا بـ11 مليون دينار لمعالجة الازمة المالية الخانقة التي تواجهها، وذلك في جلسة مجلس الوزراء الاثنين الماضي، بعد توصية قدمها بنك تنمية المدن والقرى ووزير البلديات، وتحدثت عن 13 مليون دينار في 25 ايلول الماضي.
انفراج ازمة بلدية الزرقاء المالية يعني العودة للعمل وتقديم الخدمات بعد ان عانت ما يشبه حالة الاغلاق عن العمل بفعل الازمة المالية التي ورثها مجلسها الجديد المنتخب برئاسة المهندس علي ابو السكر، ورغم الخبر المنقول عن موقع جو 24 الا ان الكاتب لم يتمكن من التأكد منه حتى كتابه هذا المقال.
القرار في حال اتخذ فعلا فإنه يحمل مؤشرات ايجابية فكثير من الوقت تمت اضاعته؛ فالتأخير والوقت الثمين الذي تمت اضاعته وبطء الاجراءات في الجانب الحكومي عطلت عمل المجلس والبلدية ومشاريعها وخدماتها فترة ليست بالقصيرة، الا ان تمرير القرض يعطي مؤشرا ايجابيا؛ فالحكومة تدرك ان الازمات المتناثرة هنا وهناك ستثقل كاهلها وتزيد من ازمتها المتفاقمة، وستكرس الشعور بأن المواطنين شركاء في المغرم فقط لا في المغنم (الخدمات وتحسينها).
تأجيل قرارات مهمة تمس الخدمات المقدمة للجمهور تعمق شعور العامة بأنهم شركاء في المغرم لا في المغنم فيلجأ اليهم والى جيوبهم في حال وجود مغارم وازمات في حين لا يجدون مغنما من ذلك يمكن تحقيقه في مجال الخدمات والصحة والتعليم.
ازمة الحكومة مع الشارع تتعمق فالشراكة في المغرم دون المغنم تثير انزعاجا لدى المواطنين؛ فالحكومة مطالبة بتحسين الخدمات وتفعيل المجالس البلدية لخلق شراكة حقيقية مع المواطنين ومؤسسات المجتمع المدني وقواه المجتمعية التي تطرح برامجها وتعرض نفسها لاختبارت قاسية بتصدر العمل العام دون ان تجد تعاونا حقيقيا من الحكومات الغارقة في البيروقراطية والحسابات السياسية المفرطة بالحساسية.
عرض قانون ضريبة الدخل على مجلس النواب دون تعديلات تذكر وبعد حوارات يراها البعض استعراضية وبعيدة عن العمق والاستراتيجية، الاصل ان يدفع الحكومة الى الانفتاح والشراكة مع المجتمع المدني، والدخول في حوارات حقيقية وعميقة لعلاج الاختلالات المتراكمة؛ فبلدية الزرقاء تمثل مدخلا ونموذجا يمكن ان يجد طريقة الى قطاعات خدمية واجتماعية واقتصادية عديدة؛ ما يعني ضرورة الانفتاح وتوسيع المشاركة.
فقانون ضريبة الدخل ومن قبله رفع الدعم عن الخبز ومن قبله فاتورة النفط والكهرباء كرس الاعتقاد بأن المجتمع والعامة من الناس مجرد شركاء في المغرم لا في المغنم، امر ازداد تكرسا على مدى السنوات الخمس الماضية بشكل خاص؛ اذ ترافقت مع اجراءات اقتصادية قاسية تميزت بها حكومة النسور، ومن بعده الملقي واخيرا الرزاز، دون ان يكون لذلك انعكاس على الخدمات العامة من صحة وتعليم او نقل وغيرها وهي مدة ليست بالقليلة زمنيا؛ فالإجراءات المتكررة لعلاج الاختلالات المالية والادارية افضت الى مزيد من التراجع في الخدمات العامة.
فالزرقاء تعد واحدة من المدن الكبرى الثلاث في الاردن، واستعادتها لحيويتها وتفعيل خدماتها ومشاريعها مسألة باتت ضرورة ملحة لتقديم خدمات افضل لمواطنين مطالبين بدفع المزيد من الضرائب وتحمل المزيد من الاعباء.
الرسالة الحكومية لا يجب ان تقتصر على الجانب الاقتصادي والاداري البحت او مدينة بعينها؛ اذ من الممكن ان تحمل مضمونا سياسيا بتوسيع مساحة الشراكة السياسية والانفتاح على القوى المجتمعية؛ فالمهندس علي ابو السكر يمثل حالة سياسية ومجتمعية تسعى الى تكريس البرامجية من خلال تقديم واختبار نماذج مدنية تعطيلها لن يخدم الاصلاح السياسي او الاداري والمالي وسيزيد الشعور بأن الشراكة هي فقط في المغرم لا المغنم.
الحكومة تدرك الحاجة الى تحريك المياه الراكدة، والبدء بإجراءات عملية تخفف حدة الاحتقان المرتبطة بقانون ضريبة الدخل والسياسات الاقتصادية المتراكمة خلال العقد الاخير التي قادت الى ازمة اقتصادية عميقة.
قانون الضريبة زلزال اقتصادي الا ان وقف ارتداداته والتخفيف من تداعياتها واحتوائها يعتمد الى حد كبير على التحسن في الخدمات، وتطوير الحوار والشراكة السياسية والمجتمعية، لتتحول الى حالة تمتاز بالديمومة فأمام الحكومة مجموعة من الملفات المهمة والاختبارات الحقيقية ابرزها التطوير الاداري، ودمج الوزارات والشراكة المجتمعية والسياسية التي لا تقتصر على المغارم بل البحث عن المغانم التي من الممكن ان يحققها العامة ممن اعتادوا تحمل المغارم لا المغانم (الخدمات العامة)، مسألة تحتاج الى مشاركة سياسية اوسع في صناعة القرارات الاقتصادية والادارية التي ما زالت غائبة ومقيدة بإشراكهم في المغارم لا في تحسين المغانم (الخدمات) والبعد الحقيقي الغائب عن حوارات ضريبة الدخل في حين كان عجز الموازنة ومصالح المؤسسات المالية وصندوق النقد الدولي هي الحاضرة.