ما هي أبعاد الموقف السعودي من الأحداث في سوريا؟

اخبار البلد _ طالب العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز في أول رد فعلي سعودي رسمي النظام السوري بالتوقف عن إراقة الدماء في سوريا، واستدعى السفير السعودي من دمشق في أول إجراء رسمي عربي قد تعقبه خطوات أخرى. فما هي أبعاد هذا الموقف السعودي؟
 
يقول سليمان نمر رئيس الملتقى الخليجي للدراسات إن الموقف السعودي من الأحداث في سوريا، لم يأت منعزلا ولا
 منفردا بل جاء بعد موقف لمجلس التعاون الخليجي وبيان لجامعة الدول العربية يطالب بوقف عمليات القمع ضد الشعب السوري. وحسب مصادر سعودية فإن هذا الموقف يأتي بعد اتصالات غير معلنة بين دمشق والرياض، التي لم تقتنع بحجج النظام السوري التي قدمها للسعودية لتفسير ما يحدث على الأرض.
 
الموقف السعودي جاء بعد يأس الرياض من استجابة نظام الأسد
 
الرياض أدركت أن نظام بشار الأسد غير جاد في الإصلاحات التي أعلن عنها الأسد وأدركت أن نظامه ماض في سياسة قمعية لوأد هذه "الانتفاضة" الشعبية المطالبة بالإصلاح ولذلك سحبت سفيرها من دمشق للتشاور في ما يعد تحركا دبلوماسيا قويا للتعبير عن تغير فعلي في الموقف السعودي تجاه دمشق .
 
والملاحظ أن تغير المواقف العربية يأتي بعد ضغوط دولية، وخاصة بعد موقف واشنطن التي طالبت الدول العربية باتخاذ موقف حازم مما يحدث في سوريا. ووفق المعلومات الرائجة في الرياض فإن الموقف السعودي جاء بعد اتصالات سرية مع تركيا والأردن ومصر، فموقف نبيل العربي، الأمين العام للدول العربية كان قطعا بتزكية مصرية.
 
ويؤكد رئيس الملتقى الخليجي للدراسات أن الموقف السعودي لم يغلق الباب تماما أمام الرئيس بشار الأسد وذلك من خلال تخييره بين الحكمة والفوضى، فالوقت لم يفت بعد للتحلي بالحكمة لوقف نزيف الدم.
 
الموقف السعودي يشكل عبئا سياسيا على دمشق
 
الرياض تريد تفعيل الضغط السياسي على سوريا، لا تريد بأي شكل من الأشكال فتح المجال أمام أي تدخل عسكري أجنبي في سوريا كما حدث في ليبيا مثلا.
 
ويضيف نمر بأن الموقف السعودي يشكل عبئا سياسيا كبيرا على حكومة الأسد، ويضعه أمام خيارين: إما التعامل بايجابية معه خصوصا مع استمرار المظاهرات وفشل الحل الأمني في إخماد هذه الانتفاضة. وإما رد فعل غاضب وسلبي إزاء الموقف السعودي والعربي عموما.
 
وفي هذه الحالة فإن الضغوط السياسية العربية والإقليمية ستتصاعد تدريجيا، والخطوة التالية قد تكون سحب سفراء مجلس دول التعاون الخليجي من سوريا، كما قد تؤيد هذه الدول صدور قرار وليس مجرد بيان عن مجلس الأمن لإدانة الحكومة السورية.
 
ويتابع سليمان نمر بأن سوريا قد تكون بدأت تعيش بعد صدور الموقف السعودي مرحلة من العزلة على المستوى العربي، لأن الرياض تقود الآن موقفا خليجيا وعربيا ضاغطا وليس فقط موقفا منفردا.
 
كما تجدر الإشارة إلى أن الموقف السعودي يأتي كذلك بعد تنسيق مع الحكومة التركية باعتبارها طرف إقليمي لديه نفوذه في المنطقة، ولا مجال للحديث عن تنافس أو استباق للإدانة بين أنقرة والرياض فالموقف التركي الحازم والشديد يتفق مع السعودية بموجب الاشتراك في المصالح.
 
أمام سوريا خياران: عربي أو إيراني
 
وبخصوص الخطوات التالية التي من المتوقع أن يتخذها النظام السوري، يقول سليمان نمر إن أمام النظام السوري اليوم خياران: إما الاحتكام إلى ما ستفضي إليه الدعوات العربية والإقليمية أو مواصلة الاستفادة من الدعم الإيراني
 
فإيران هي الجهة الوحيدة التي تستمر في دعم سوريا ماليا وسياسيا واقتصاديا وعسكريا. لأن مصالح إيران في المنطقة تستوجب بقاء النظام السوري باعتباره الحليف الأكبر والأقوى في المنطقة، وبسقوطه تصبح إيران دولة معزولة بالكامل، وفي حال قامت دمشق بالإصلاحات المطلوبة استجابة للضغوط الداخلية والخارجية، قد تجد طهران نفسها مطالبة بإنجاز نفس الإصلاحات. ولا ننسى أن المظاهرات الشعبية المطالبة بإصلاحات انطلقت من إيران منذ 2009، قبل بزوغ ما يعرف اليوم بالربيع العربي.
 
الخطوة السعودية رمزية لا غير
 
أما فردريك أنسل المتخصص في شؤون الشرق الأوسط والمحاضر في معهد العلوم السياسية في باريس فيرى أن الرياض من خلال هذا الموقف تريد " التأكيد على دورها كقوة عربية سنية في المنطقة، ومن هنا لا يسعها السكوت عن القمع الذي يجري في سوريا".
 
إلا أن أنسل يرى في عملية استدعاء السفير السعودي من دمشق "خطوة سعودية رمزية "، وهذه المبادرة في نظره هي خطوة "ضعيفة وجاءت متأخرة".
 
وينتقد المتخصص بشؤون الشرق الأوسط الجامعة العربية التي يقول إنه ثبت عجزها عن "حل مشاكلها بنفسها وانتظارها لردة فعل طرف خارجي لتتحرك" خاصة بعد أن خرجت موسكو عن صمتها، حين صرح الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف بأن موسكو تشعر بالقلق البالغ للوضع "المأساوي" في سوريا وبعد تحذيره الأسد من مصير حزين إذا ما واصل تجاهل المطالبة بالإصلاحات.