حوار حكومي مع مقاعد فارغة!


الحكومة أعلنت أن حوارا وطنيا حول التشريعات المتعلقة بالإصلاح السياسي سينطلق قريبا، وأهمها؛ قانون الانتخاب، وقانون اللامركزية، وقانون الأحزاب.
حوار سيكون مشابهاً بشكل كامل لحوار الحكومة مع نفسها، ومع المقاعد الفارغة حول قانون ضريبة الدخل، وسيخرج بنفس النتائج.
الحكومة ستحاورنا وظهرنا مكشوف للريح، لا مجلس نواب يعتمد عليه ومصالحه مع الحكومة أكبر من مصالحه مع الناخبين، وأحزاب لم تعد قادرة حتى على إصدار بيان سياسي أو إقامة ندوة، لا توجد شخصيات شعبية أو عشائرية أو اقتصادية وازنة تجذب الناس حولها، صحافة وإعلام مدجن ومهجن و»بيتوتي» إلا ما رحم ربي، والنقابات التي كانت تقود الشارع أصبحت معنية بالتأمين الصحي والتقاعد دون
أي دور اجتماعي.
مواطن مشغول بتأمين قوت بيته لنحو 12 ساعة في اليوم، ويضطر للعمل في وظيفتين تحرمانه حتى من ملاعبة أطفاله وآل بيته، والأدهي أنه مطارد من حكومات فاشلة تريد أن تنفق على فسادها، وعلى فاسديها ومفسديها و»مفلسيها» من جيب المواطن الذي بات مثل «أيتام على مائدة اللئام».
هل تعرفون ماذا قال الشيطان للإنسان حين كفر: (قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ). حتى الشيطان يخاف الله، لكن الحكومات عندنا حكومات، لا تخاف وقلبها ميت.
في مقولة للفنان العبقري أحمد زكي في فيلم «الحب فوق هضبة الهرم» قال: «كلهم كدابين.. وعارفين انهم كدابين.. وعارفين ان احنا عارفين انهم كدابين.. وبرده مستمرين في الكدب.. وبيلاقوا اللي
بيصقفوا لهم.»
نحن شعب «غلبان» مغلوب على أمره، اليد الخفية تحدد أجندته صباح كل يوم، وتشتت تفكيره فوق ما هو مشتت وضائع: شرطي السير والنائب، حفل قلق، تغريدة الأمير حمزة، فاردة عرس المفرق، ويوم الجمعة حفلة مباراة
الوحدات والفيصلي.
في المقابل، عند الطرف الآخر اقرت الحكومة قانون الضريبة وقدمته برفقة قانون الجرائم الإلكترونية لمجلس النواب، وأيضا سيمر تقاعد الوزراء بكل رشاقة، وغيرها من قضايا خطيرة مرت علينا هذا الصيف ستمر مع تساقط
أول أوراق الخريف.
نحن شعب مثير للشفقة والتعاطف، حالنا مثل، بقايا الخبز الملقى على قارعة الطريق، تحملها بين أصابعك تقبله ثم تضعه على أقرب سور، وتنفض أصابعك من بقايا الغبار، وتمضي
في حال سبيلك.
لسه بكدبوا يا عبقري، ولسه كمان في ناس «بصقفوا لهم».