«عاجزون عن البكاء..ويهلكون جوعاً»

 هم اطفال عرب باتوا في غالبيتهم العظمى غير قادرين على البكاء لأنهم ضعفاء لدرجة لم يقووا على البكاء كون اجسادهم منهكة ومعطوبة بسبب الجوع. ملايين من الاطفال العرب جوعى على ما قالت منظمة»انقذوا الاطفال»، وهي منظمة انسانية بريطانية لاعلاقة لها بالسياسة ولا يعنيها مكر الساسة. وبالتأكيد ليست على خصومة مع اي نظام في العالم، شعارها انقاذ الاطفال بعيداً عن السياسة وكيد السياسيين، وما تضمره انظمة لبعضها من عداوات وخصومات وما تفتعله من حروب وما تغذيه من فتن في هذا البلد او ذاك. ستقولون: ان تجربة العرب وخصوصاً الفلسطينيين والسوريين والليبيين والسودانيين والصوماليين واليمنيين، مع كثير من المنظمات التي «تدعّي» الانسانية تجربة مرة ومريرة، وغالباً ما تحركها الاهداف السياسية وتقف خلفها اجهزة وانظمة ومنظمات ذات صبغة استخبارية تتسلل اليها او توظفها لخدمة اهدافها الخبيثة، لكن كل ذلك لا يعفينا عرباً ومسلمين من مسؤولية حال مجتمعاتنا التي ضربتها الحروب وعبث بها الارهاب ومن يقف خلفه من ممولين ورعاة، وإلاّ كيف يمكن لملايين الاطفال في بعض الدول التي تشهد حروبا ان يعانون كل هذه المجاعة والاوبئة التي عادت اليهم (الكوليرا) بعد ان ظن كثيرون أن عالمنا قد غادر هذه الجائحات وباتت احتمالات عودتها صفرية تقريباً؟ ثم إذا كانت هذه الحروب قد اوجدت هذا الكم الهائل من الجوعى والمرضى والمصابين وحالت دون إخراجهم لتلقي العلاج في الخارج، فأين هي المشافي الميدانية التي يمكن ان تخفف من مصائبهم وتقلل من موتاهم والمعوقين؟ تقارير الامم المتحدة التي يتم تلاوتها امام مجلس الامن تتحدث عن مواطني دول عربية يهلكون جوعاً جماعات وفرادى، وان الوضع الانساني في بعض الدول قريب من بدء الهلاك الجماعي. فأين هو الحس الانساني العربي البعيد عن السياسة وغير المنحاز لأي طرف من اطراف الصراع الدائر في بعض الدول، الذي آخذ بُعداً اقليمياً ودولياً ضارياً وغير مسبوق في لا انسانيته، حيث يسعى كل طرف لتبرئة نفسه وتجريم عدوه، فيما يذهب المدنيون ضحايا صراعات عبثية يقول «كل» وليس بعض او معظم او غالبية المنخرطين فيه: ان لا حل عسكرياً لها، ما يستدعي وقفة انسانية (محض انسانية) واخلاقية مع الذات تحول دون حدوث كارثة شاملة بعد ان قالت المنظمات الدولية حتى تلك التي يتفق الجميع على انها غير معنية بالسياسة ولا تهتم بالتأشير على «المذنب» في هذه الحروب التي أتت بالخراب على الدول وارجعتها للقرون الوسطى . هل ثمة من يقف الان ليقول: كفى انقذوا الاطفال وأغيثوا الشعوب المكلومة وانهوا معاناتها. حتى لا يتحمل جيل الحاضر وصمة عار لن تمحى من جبين، اؤلئك الذين ما يزالوا يرون في الحروب وسيلة لتحقيق اهداف سياسية، وهنا لا نبرئ احداً من اطراف الصراع، أقله في ضرورة وقف جريمة الإبادة الجماعية (بالتجويع) التي ترتكب بحق الشعوب التي تجري في دولهم الحروب والصراعات.