حوار الطرشان

لقد اشفقت على الوزراء لما تعرضوا له من اقحام غير مدروس من المؤكد انهم كانوا يعلمون عاقبته , وهم الذين تم اختيارهم لزيارة المحافظات لتسويق قانون الضريبة الجديد او المعدل كما يقولون , لقد واجهوا صد وتجريح وتهميش وصل في بعض المحافظات لدرجة التطاول والاساءه لهيبتهم كوزراء وشخوص تمثل هيبة الدوله .
وفي الحقيقة انا لا الوم المواطن المحتقن اصلا من الضغوط الاقتصادية التي اثقلت كاهله , فقد اتاحت هذه اللقاءات فرصة لمن تم دعوتهم للالتقاء بالوزراء لنقل وتفريغ غضب الشارع الاردني ورفضه القاطع لهذه الجباية الجديده تحت مظلة ما يسمى تعديلات ضريبة الدخل الجديده .
انا اعلم ان الحكومة ارادت اطلاق حواراً واطنياً لتسويغ وتسويق هذا القانون , ولكن ما حدث اكد فشل هذه الخطوه فشلا ذريعاً لعدة اسباب :
اولها : قصور الاعلام بكل اشكاله في توضيح فكرة التعديلات بأسلوب يقنع العامي قبل المتعلم لمسوغات التعديل الجديد والفئات المستهدفه من الاعفاءات الضريبيه والفئات الخاضعة للضريبه وذلك قبل زيارة الوزراء للمحافظات .
ثانيا : غياب او ربما تنحية دور الاحزاب والنقابات والاكاديميين واصحاب الرأي وعدم اشراكهم في حوارات معمقة لتسويغ القانون وامام كميرات التلفزه او من خلال لقاءات عامه ليكون لهم الدور في صياغة القانون والتعديلات بما لا يتعارض مع ظروف الناس .
رابعا : غياب النواب واعضاء اللامركزية عن اللقاءات وكأنهم طرف غير معني في ما يجري .
خامساُ : التوقيت غير المناسب لطرح الموضوع , فالناس ترزح تحت ضغط الغلاء وشح مصادر الدخل من جانب , ومن جانب اخر تترقب ما تم كشفه من اجراءات بحق ملفات الفساد التي اشغلت الشارع الاردني في الاونه الاخيره , وما سيتم من اجراءات بحق الفاسدين الطلقاء .
سادساُ : الشارع ينتظر ما تم من اجراءات بحق المتهربين ضريبيا بالملايين والذين لم يتم بحقهم اي اجراءات تنفيذية حقيقة لمقاضاتهم ,وبالمقابل يطلب من المواطن دفع ضريبه اضافيه دون استرداد ما تم سلبه بالتهرب .
سابعاً : الالية التي اتبعت في اختيار ودعوة الحضور لهذه اللقاءات , ومكان انعقادها , والجو العام لهذه اللقاءات الذي يشوبه التشنج وما صحبه من اجراءات امنيه مشدده وانتشار الشرطه والدرك في اماكن اللقاءات , اضفى بعداً غير ديمقراطياً لهذه اللقاءات .
للاسف فشلت هذه الحوارات ان صح لنا ان نسميها كذلك في تحقيق الغاية منها , بل بالعكس جاءت نتيجتها عكسيه , فلا الوزراء استطاعوا ان يسوغوا ما لديهم ويعرضوه للنقاش , ولا الحضور استفادوا وحققوا ما تم دعوتهم اليه سوى التعبير عن الرفض للفكرة من الاساس وعلى الاطلاق .
لقد كان حواراً اقرب ما يكون لحوار الطرشان . لم يفضي بشيء ولم يقدم اي شيء .