كلمات في عنوان المرحوم عبدالوهاب سالم القطاونه بمناسبة مرور حول على وفاته

:
يا حادي الموت ليتك لم تنتقي، ليتك لم تتخيّر، يا حادي الموت ليتك خبط عشواء لم تُصب....حينما يُفتقد البدر أُفتش عن الرجل فلا أجده، يَعزُ العثور على مثله وربما دمع العين أضعف البصر فأجزع وأعود لنفسي مُخاطباً ليت حادي الموت يسأل لافتديناه بعُصبةٍ من طويلي العمر فما أقصر عمر الرائعين ولكن عمر ألردي طويلٌ تمل انتظار موته فلا تسمع خبره أو ربما أننا لا نلحظ غيابه ولا نفتقد طيفه.
ليت حادي الموت يستأذن لَمَا كنا أذنا له بأن يغيبك عنا، ورغم أن الموت حق فإننا نكرهه لنا ولأحبتنا فما بالك لأبي أكرم جوهرة العقد، إنه عزيزٌ علينا ما حل به وعزيزٌ علينا أن غيبه القدر وافتقده البصر ورغم أن الموت ليس فناءً محضاً ولا عدماً صرفاً ولكن الفراق صعيب ضاعف الوجد وهيج الأحزان فكم كان الفقيد ذواقا للشعر حافظاً وراوياً له وبين يدي ذكراه رائعة أبي البقاء ألرندي:
تلك المصيبة أنسَتْ ما تقدمها   *    وما لها مع طول الدهر نسيان
يا راكبين عِتاقَ الخيل ضامرةً  *    كأنها في مجال  السبق عقبان
وهذه الدار لا تُبقي على  احد  *     ولا يدوم على حال  لها  شان
فجائع الدهر  أنواع   منوعة   *     وللزمان  مسرات    وأحزان
محاسنك يا أبو أكرم كثيرة ويكفي جمال طلعتك وقضاء حاجة ناصيك قبل أن يطلبها... سقاكَ الغيثُ إنك كنُتَ غيثاً ويُسراً حين يُلتمس اليَسار... فلا ترده رد اللئيم وإنما كريم تفتش له عن حاجته حتى يرضى، تقف مع الحق بإصرار لا تُماري فيه أحد ولا تداري أو تخاف زعيم  فلا زعيم وأنت موجود، مؤمن بربك في غير نفاق رقيق إحساسٍ في إشفاق، تركتنا دون أن تترجل تركت أحبتك وأهلك الأقربين: مي، مها، سها، أكرم، سائد، رائد وباكيةٌ أخرى أُمَ أكرمَ تهيج البواكيا:  
تقول ابنتيْ لمّا رأت طولَ رحلتي*  سِفارُكَ هذا  تاركي لا أباً ليا
فللهِ دّرِّي يوم أتركُ طائعاً *  بَنيّ بأعلى الرَّقمتَينِ وماليا
ودرّ الرجال الشاهدين تَفتُُّكي  *  بأمريَ ألاّ يَقْصُروا  من  وَثاقِيا
ويا ليت شعري هل بكت أم أكرمٍ *كما كنت لو عالوا نعياك باكيا
أجمل ما فيك انك كنت تُحب أمتك وثائراً ونموذجاً لرجل الأمن الثائر تُحب أبطال الأمة من محيطها إلى أهوازها، راعك ما أصاب بغدادٌ من رزء المصيبة، تحزن وتفزع حينما يحيق بفلسطينٌ خطب وتتغنى أسفاً على زمان عبدالناصر، فلقد أظلكم في عالمكم هناك ضيفا شريفاً بوعزيزي مع رفاقه، ونعلم أن الله يُكرم ضيوفه، ولقد رحل المُنسق الأمني للوطن العربي بن علي من تونس طريداً إلى الحجاز وسيدة تونس الأولى يُلهب جسدها سوط المطوع في جزيرة العرب، وتَحَالَفَ أبناءُ حسن البنا وجمال في ميدان التحرير وحرروا مصر من فرعون، فيا ليتك رأيته مُسجى على سرير الموت يُحاكمه شعبه، وإعرابي اليمن وآخرون في انتظار ساعة الرحيل، أما حالنا هنا في وطنك الأردن فكما يقول ألمغاربه (زاد الحال علينا)  فاجتمعت المصائب مع فقدك وذكرتنا المصيبة بالمصيبة فتذكرناك بعد حولٍ بأبيات ديك الجن:
عهدي به ميتاً كأحسن نائم ..….. والحزن يسفح عبرتي في نحره
لو كان يدري الميتُ ماذا بعده……. بالحي حلَّ بكى  له في قبره
غَصَصٌ تكاد تفيض منها نفسه..…..وتكاد تُخرج قلبه من صدره
د. م حكمت القطاونه hekmatqat@yahoo.com     tel:0795482538