حكومة الرزاز وصناعة الوهم

لم تكن حكومة الدكتور عمر الرزاز المبشر بها كمنقذ وطني وفق الطريقة البائسة والتقليدية والمكررة التي تم اخراجها بها وتسويقها على مشاعر الشعب الاردني البسيط الا التعبير الاصدق عن الية صناعة الوهم في الاردن، والمتاجرة بالصورة الاعلامية، وبيع الاحلام، وترويج الاكاذيب من خلال الابواق المخادعة التي انتجها الفساد عبر مسيرتنا السياسية ، وليتم اغراق الناس بالتفاؤل الكاذب، وكلما سقطت كذبة سياسية – اي حكومة- يصار لاعادة انتاج وحياكة وحبك كذبة جديدة لتستمر عدة اشهر او عدة سنوات عجاف، وترويجها في اطار سلسلة متواصلة من الاكاذيب التي تشتري الوقت، وتقتل روح التفاؤل والامل في الاجيال الاردنية، وهي تستغفل الشعب الاردني، وتفتري على وعيه وحقه في الحياة الكريمة فوق ترابه الوطني، وليصار الى تعلق الاردنيين بصورة زائفة من الاصلاح والتنمية المستحيلة بالنظر الى الطريقة التي يتم فيها في كل مرة حشر الاردن بالزاوية الحرجة، وافقاده لارادته الحقيقية كي لا تنعكس ارادة شعبه في مؤسساته الدستورية، وعلى رأسها تشكيل الحكومات، والزامه بالرضوخ لدوامه متواصلة من تغيير وتكليف هذه الحكومات بدون اي اسس سياسية سليمة او اخذ لاعتبارات الحالة الشعبية وعكسها في التشكيلات الحكومية التي تسقط شعبيا على التوالي حتى بات الشعب الاردني غريبا في وطنه، ويحكم من قبل رؤساء ووزراء وجهات نافذة من خارج المؤسسات الدستورية لا يعرفها ولا تعرفه، ولا تدرك قيمه وعاداته وتقاليده ، وطبيعته النفسية، وطيبته، ومن رجال تولوا زمام المؤولية لا يخفى اثراؤهم غير المشروع، وكيف استغلوا مواقع السلطة والنفوذ، وهم لم ينبثقوا من مسيرة الشعب الاردني، او يمثلون تطلعاته الوطنية، او يعترفون بحقه في الولاية وكونه مصدر السلطات التي يرتعون في خيراتها وابنائهم واحفادهم وشللهم، وقد اوغلوا بمص دمه وراحوا يضطهدونه على لقمة خبزة وصحن طعامه، ويقفدونه حق الحياة الكريمة، وهم يجلدون ظهره يوميا بقرارات الرفع الجائر للضرائب والرسوم والاسعار، وما يرافقها من هدر للمال العام، وتضييع للثروات الوطنية، وتقليص لفرص التنمية وتطوير مؤسسات الدولة.
وهذه الالية التي تم بها الاستيلاء على الحكومات ، وتوظيفها في خدمة طبقة الحكم وللحفاظ على امتيازاتها ومكتسباتها الخيالية وترك الشعب الاردني صاحب العملية السياسية برمتها مجوعا في وطنه وينوء بالهموم والانكاد ، وهو يعيش عيش الكفاف ويستجدي حقوقه وحرياته العامة تستمر كبديل قسري للعملية السياسية الحقيقية التي تفترضها مبادئ واسس العمل الديموقراطي وذلك بتشكيل الحكومات من خلال عملية سياسية تستند على قاعدة الاغلبية والاقلية البرلمانية، ولتتداول عملية صناعة الحكومات بين القوى السياسية التي تتحفز لعكس الارادة الشعبية من خلال برامجها، والتي تحوز على اساسها على مقاعدها في البرلمان، وبذلك تتحول الخيارات الشعبية الحقيقية الى السلطة .
وحكومة الرزاز كالعادة رافقتها حملات الترويج للتفاؤل الكاذب، وصناعة الوهم على حساب مشاعر الاردنيين، ورغم ان رئيسها كان من ابرز اعضاء الفريق الاقتصادي لحكومة الملقي التي ثار عليها الشارع وذلك لرداءة قرارتها الاقتصادية المتوزعة بين رفع للاسعار والضرائب والرسوم والرفع الجائر لضريبة المبيعات على معظم السلع الاستهلاكية التي تخص معيشة المواطن الاردني الغلبان وحتى الطون والبلابيف التي كان وعد رئيسها هاني الملقي بعدم رفعها باعتبارها الطعام المفضل لدى الطبقة الكادحة وباستخفاف واضح بالشعب الاردني فقد طالها الرفع الجائر ايضا، والذي شمل الخبزكذلك ، وكان قاصمة الظهر مشروع قانون ضريبة الدخل الذي اقحمه على الاردنيين المتعبين بدون رحمة مما اثار حفيضة الشارع، ولم يكن خافيا ان الدكتور عمر الرزاز انتج فكره ووعيه في المعامل الغربية وانه كان من كبار موظفي صندوق النقد الدولي وهو ليس بمنيف الراز القائد الوطني الذي كان يقاتل ويعتقل من اجل سيادة وحرية العرب، وعدم ارتهانهم للاجنبي. وومن روجوا للرزاز كانوا يعلمون انه يفتقر للكاريزما وللشخصية القيادية التي تمكنه من مواجهة الفساد، وارعاب الحيتان ومن الامساك و القبض على زمام الولاية العامة.
واليوم تنقضي كذبة عطوة المئة يوم التي طالبت بها وزير الاعلام وكتائب الترويج للحكومة ، وبدأ الخطاب ذاته بكذبة جديدة بأن المئة يوم هو فخ للحكومة ولا تستطيع ان تنجز من خلالها شيئا يذكر ، وتظهر الحكومة على حقيقتها بانها ليس لديها من مهام الحكم سوى مواصلة مسلسل الجباية الجائر الذي جاءت به الحكومات من قبلها وبدعم مباشر من صندوق النقد الدولي، وكذلك وقد فشل الرزاز في جلب فاسد واحد للقضاء، وحتى قضية الفساد الكبرى التي اثارها النائب حازم المجالي تحت القبة فتم تهريب زعيمها خارج الوطن، وبقيت معلقة في ذمة المجهول الاسماء الكبيرة التي رعت هذا الفساد الكبير ، وتفلته من المحاسبة، وكذلك بقيت مشاكل الشعب الاردني على حالها من سوء في الادارة ، وتراجع في الخدمات العامة، واستفحال للواسطة والمحسوبية والشللية ، وتردي في اداء القطاع العام، وضرب للقطاع الخاص وافقاده القدرة على المنافسة وتهريب الاستثمار ، ونحن لم نلمس من هذه الحكومة سوى تجسد شخصية الحكواتي فيها، واطلاق التصريحات بدون جدوى فما على الشارع الاردني الا ان ينتفض ويقرر مصيره، وليكن البرنامج الشعبي الذي يمثل الاجماع الوطني هو تغيير الية تشكيل الحكومات في الاردن لانقاذ الوطن ومستقبله وقد بات في دائرة الغليان وعلى اتون الفوضى والاضطراب التي لا رأس لها.