لسنا خراف حتى ُنذبح بصمت !
لسنا خراف حتى ُنذبح بصمت !
... بالإضافة الى حضورها الإجتماعي والسياسي المتنامي في البلاد ، وما تتمتع به من قوة وثقة وحضور على مستوى جماهيري واسع ولدى فئات نخبوية في النقابات المهنية و العمالية و النخب الاقتصادية والوطنية ، ورغم محاولات النظام المس بسمعة الحركة وإتهامها بالعمل وفقا لأجندة خارجية وما تتعرض له من مضايقات وسياسات التجييش والحشد الاعلامي الجاري الأن ، وما سبقها من محاولات إضعافهم عبر تخويف المجتمع منهم وضرب مؤسساتهم وتفكيكها ومحاولة تجميد نشاطهم السياسي العام ، فأن ذلك لم يجدي نفعا في تأليب الرأي العام الاردني تجاه الحركة الاسلامية ، بل قد منحها ذلك قدرا من الدعم والمساندة لم تكن تحظى بها سابقا وخاصة بين ابناء العشائر تحديدا ! الذين يرون ان نفس السياسات المتعلقة بالتهميش والتجويع والتضييق والتقسيم الفئوي والاقليمي تمارس بحقه كذلك ، و لأن الحركة كانت الاصدق في المراهنة على رفض النظام اجراء الاصلاح المنشود ، وراهنت صادقة على حماية النظام لرموز الفساد وناهبي ثروات الوطن ، وراهنت على إمكانية عودتهم للواجهة من جديد دون حساب لمشاعر الناس ، وراهنت على ان النظام يلعب بالوقت لا اكثر ، وهذا ما اثبته النظام السياسي للناس دون خوف او حساب او تقدير لمشاعر الشعب ومطالبه !
لم تعد الجماهير المتعطشة تثق بأية إجراءات او قرارات او مشاريع قوانين تخدم الناس ، فما خرجت به لجنة الحوار الوطني ولجنة مراجعة الدستور ليس إلا تحد غير مقبول للمواطنين ، وضربة مؤلمة وجهت لمشاعرهم ومكاسبهم وطموحاتهم ، فلم يطالب احد بقوائم وهمية تعيد للذاكرة الدوائر الوهمية في القانون السابق ، ولن تكون قائمة الوطن التي نص عليها القانون المقترح تمهد او توحي بإمكانية ان تكون الحكومات القادمة حكومات برلمانية كما يدعون ، فشتان ما بين مطالب الناس وبين ما جرى من تطورات ، حيث جاءت تلك المقترحات والتعديلات الدستورية المقترحة إستجابة فقط لمطالب الغرب ومنظماته الدولية ومنها اتفاقية " سيداو " لمحاربة التمييز ضد المرأه ، والتي عارضتها دول عدة وعلى رأسها الولايات المتحدة الامريكية ودولة الفاتيكان لتعارضها مع التعاليم السماوية السمحة ومع مصالح تلك الدول ، فيما سارعنا نحن وبفضل زمرة من النسوة المتباكيات على حقوق المرأة وبعض المنظمات المشبوهة الى المصادقة عليها والعمل بها والتي تتنافى مع ابسط قواعد الدين الاسلامي والمسيحي سواء بسواء ! متناسيات حقوق المرأة الاردنية في القرى والريف والبادية وفي الاغوار !! وجاءت تلك التعديلات كذلك ، إستجابة لمشاريع صهيونية تتعلق بفتح باب التجنيس للمواطنين الفلسطينيين سواء المتولدين من امهات اردنيات لأسباب قيل أنها إنسانية او من غير المتولدين والقادمين من فلسطين والتغاضي عن الأثار السياسية والاقتصادية والاجتماعية المدمرة التي ستتولد مع تلك التعديلات إن جرت ، والتي يبدو انها لم تؤخذ بعين الاعتبار ، وان المواطن الاردني هو الخاسر لا محالة من تلك الترتيبات التي يمهد لها بالتعديلات الدستورية القادمة !!
بات جليا ان كل ما قيل عن إصلاح شامل ومكافحة فساد وتحسين مستوى معيشة المواطن لم تترجم الى افعال حقيقية ، وثبت للناس زيف الإدعاءات الرسمية بتوجهها نحو الاصلاح ، وعلى عكس ما طالب الناس به من محاكمة لرموز فاسدة مجرمة استباحت البلاد ونهبت ثرواتها ودافع عنها النظام وحرم اغتيالها ، فأن الحديث يدور هذه الايام عن عودة جملة من الفاسدين الى مراكز حكومية حساسة بدواع إرضاء بعض الدول !!!! دون حساب لمشاعر الشعب وكرامته ، وهي خطوة قابلها الناس بسخط واستياء وغضب وهي لمجرد أنها توقعات ، وستزداد معها القناعة بدجل وكذب النظام و "دهلاساته " التي لن تقابل بمقالة صحفية غاضبة او بمسيرة سلمية تنتهي بعد ساعات ! بل بتحالف عشائري وإسلامي يجري الترتيب له مع بعض الحراكات بسبب المماطلة ورفض إجراء إصلاح حقيقي منشود، وتلك قفزة نوعية جادة ومقبولة بل ومطلوبة في ضل ممارسات النظام واعادة ترتيب تحالفاته الجديده مع رموز الفساد و طبقة التجار المحتكرة لقوت المواطن و مع عائلات حكمت وافسدت البلاد تعود للواجهة كل فترة منذ اكثر من خمسين عاما ، وكأن البلاد خلت إلا منهم !!
يبدو ان فشل النظام في كسب ثقة المواطن يستدعي وقفة تقييمية صادقة لكل السلوكات السلبية التي يمارسها ، وكل التحالفات التي يديرها في مواجه الشعب ، والتوقف عن جملة التوجهات والتعديلات الدستورية ومشاريع القوانين المقترحه ، وفتح باب الحوار مع القوى الوطنية والاسلامية منها خاصة ، وعلى أسس الحرص على الوطن وتحقيق العدالة الاجتماعية ووقف نهب خيرات البلاد وثرواتها ومحاكمة رموز الفساد ، ووقف المراهنة على ما يسمونه تفهم المواطن وتقديره للظروف ، واو المراهنة على إستمرار ولائه المطلق الذي تزعزع جراء تلك السلوكات والأمثلة حاضرة لم تغب بعد !! ولأن حجم المعاناة وحجم الفساد وإستمرار الصمت امام إنهيار الوطن وعودة رموز الفساد للواجهة من جديد سيدفع الناس للخروج اكثر والضغط اكثر بوسائل لم تكن معهودة من قبل ، وهو أمر يطالب به الكثير ويمتنع عنه القليل في معظم محافظاتنا ، واثبتت التجربة ان الإحتكام للشارع اظهر أستياء ابناء الوطن من تلك السياسات ليس عند جمهور الحركة الاسلامية فحسب ، بل وعند ابناء العشائر تحديدا ، الذين يرون في تلك السلوكات والتغيرات المقترحه أنها موجهة ضدهم وتهدد مكاسبهم التي سينازعها مئات الالاف من المجنسين على مدار السنوات القادمة ، وتهدد حتى هويتهم التي يواجهها خطر التوطين والوطن البديل ، فسياسة إرضاء المواطن ببضع دنانير كل عام او عامين تأتي من دعم خارجي لم يعد يعني المواطن ، ولعلمه ان تلك المساعدات آنية و مربوطة بتنفيذ سياسات تهدد أمنه واستقراره وهويته ،وأن العجز في الموازنه وارتفاع مديونية البلاد ليست من مسؤولية المواطن بقدر ماهي مسئولية من أستولى عليها وجرد البلاد من ثرواتها ، فالوقت كان ولا زال متاحا ومنذ ثمانية أشهر لإجراء الاصلاح المنشود ، ولا حاجة لإستمرار المراهنة على هبوط مستوى الحراك الشعبي الذي تعزز بشكل افقي وبمطالبات تجاوزت في العديد من المحافظات السقوف المحرمة كما يسمونها ! وستثبت الأيام القادمة ان الشعب الأردني ليس بضع خراف تساق وتذبح بصمت !! وان ما يتحلى به من صبر ليس إلا حرصا على الوطن واستقراره ، ولكن حين يتعلق الأمر بهويته وكرامته واستمرار تهميشه ، فأن الأمر مختلف كل الأختلاف ، وسيقف في وجه كل المخططين لطمس هويته وتهديد مكاسبه !