الشعب يريد تحديد الأولويات

 


 

بادئ ذي بدء أود التأكيد أنني من المؤمنين بالحركات الاحتجاجية السلمية المطالبة بالإصلاح والتغير السياسي والعودة لحكم الشعب الذي هو مصدر السلطات ، أقول ذلك حتى لا يساء فهم عنوان المقال ونحن محتاجون حقا لتحديد الأولويات الوطنية والتقاء الجميع على القواسم المشتركة التي يجب أن تكون نقطة الالتقاء وبالتالي الابتعاد عن الفردية بالعمل كما هو شأن الحركة الإسلامية .

 

 ولذلك المسيرات والمظاهرات المطالبة بتغير الحكومة أمرا لم يعد مجديا  لأننا جميعا نعلم أنه لا يوجد حكومة أردنية مستقلة بإرادتها وقراراتها طبعا مع وجود النسبية بين حكومة وأخرى ، والذي يكلف الحكومات هو الملك ، ولكن الذي يوصي ويحكم من خلف الكواليس هي الأجهزة الأمنية التي بعضها تجاوز بصلاحياته كل الحدود فلم يعد دور تلك الأجهزة حماية الوطن من العدو الخارجي بكل أسف ، الذي تغير اليوم بعد وادي عربة وأصبح صديق وصديق ألأمس أو حليف الأمس أصبح هو العدو فهذه حالة فريدة في التاريخ ما بعد جريمة وادي عربة والتي يسمونها سلاما حيث تحول بعدها عمل الأجهزة الأمنية الحساسة للداخل أكثر مما هو للخارج وأصبحت البلد تعيش حالة أمنية غير مسبوقة .

 

ولذلك المشكلة ليست في الحكومة  وغدا لو جاءت أي حكومة جديدة في ظل مجلس نواب بهذه الهزالة والذي منح أفسد الحكومات ثقة (111 صوت) وبنفس الطرق التقليدية لطالب الشعب بإسقاطها قبل أن تبدأ ، ولذلك المشكلة بالأنظمة والقوانين وحكم الدولة البوليسية الذي يعاني منه الوطن وليست المشكلة في هذه الحكومة أو تلك .

 

لذلك نطالب بمؤتمر وطني شامل لكل قادة الحراك والشخصيات الوطنية المحترمة وعلى رأسها رموز وطنية لها احترامها في الشارع الأردني مثل السيدة توجان فيصل وليث شبيلات وأحمد عبيدات والدكتور يعقوب زيادين وفهد الريماوي  وغيرهم من الرموز لوضع برنامج وطني يتم من خلاله العودة لحكم الشعب وتفعيل الدستور الذي ينص أن نظام الحكم نيابي ملكي وراثي والفصل بين السلطات  ، وأتمنى أن يكون مثل هذا المؤتمر في بيت الزعيم الوطني الكبير سليمان النابلسي وذلك للدلالة التاريخية على الديمقراطية التي تم وأدها بعد إقالة تلك الحكومة الوحيدة في تاريخ الأردن التي جاءت بالانتخاب ووضع رئيسها تحت الإقامة الجبرية ، ولكن للأسف أن الفصل بين السلطات لم تعد مجودة أصلا وقد تم حصرها بعد معاهدة وادي عربه المشئومة في الجانب الأمني فقط .

 

 ولذلك المطالبة  بإسقاط الحكومة أمرا غير عملي ، وربما أن هذه الحكومة وهذه كلمة لوجه الله لديها الاستعداد للحوار أكثر من الحكومات السابقة ويجب علينا كشعب تحديد الأولويات ولا يجوز أن نضع جميع الحكومات في سلة واحدة صحيح أن هناك قواسم مشتركة بين هذه الحكومات ولكن هناك فرق بين هذه الحكومة وتلك فمثلا هل نقارن حكومات أبو الراغب والذهبي والرفاعي الكبير والصغير ،  وهذه الحكومات هي الأسوأ والأكثر رفضا للإصلاح السياسي  وباقي الحكومات التي هي أقل سوءا .

 

 ولذلك نتمنى أن يوجه خطابنا لصاحب القرار لأن الحكومات على مختلف أشكالها مكلفة بتطبيق ما كلفت به إذا هي ليست صاحبة قرار وإنما منفذة للقرار ، وكان ذلك الأمر الذي دعا مواطن أرادني بسيط معلقا على أحداث المسيرات المطالبة برحيل الحكومة قائلا (( الشعب يريد إسقاط الحكومة القادمة )) ونستنتج من ذلك أن ما نمر به ليست أزمة حكومة بعينها ولكنها أزمة وطن مركبة وطويلة ، ولو جاءت أي حكومة بالطرق المتبعة لن تكون مقبولة شعبيا ونتمنى على قوى الإصلاح والتغير مخاطبة من بيده الأمر أولا وقد فعلت ذلك مشكورة  والمطلوب أن نركز على نوعية الإصلاح المطلوب وحشد الشارع الذي توزع ولائه ، وعلى الحكومة مسؤولية أخلاقية قبل أي شيء أن لا تسمح  للدمى المتحركة من البلطجية بمواجهة المطالبين بالإصلاح ونحن نعلم أن الذي يجلب تلك الدمى ويحركها بالريموت هي حكومة الظل الفاسدة لمواجهة المطالبين بالإصلاح وهم ملح الوطن الذين يواجهون بطش الأمن والبلطجية بصدورهم العارية لأجل وطنهم ومستقبل شعبهم ، وعلى هذا الأساس الحكومات غير معنية إلا بتطبيق ما كلفت به وبعض هذه الحكومات تجاوزت ما كلفت به  ، مثالا على ذلك حكومات أبو الراغب والذهبي والرفاعي الأب والابن ، التي باعت الوطن ومؤسساته حتى الأشياء الرمزية في تاريخ الوطن تم بيعها مثل مبنى القيادة العامة في العبدلي وغيره وغيره وغيره من الرموز   وهذا ما كلفت به من مؤسسة الفساد الحاكم الفعلي من خلف الكواليس .

 

لذلك علينا توحيد المطالب ، أن الشعب يريد إصلاح النظام واحترام الدستور ومحاكمة الفاسدين وحكم الشعب من خلال ملكية دستورية يكون الشعب فيها هو مصدر السلطات وسيد نفسه ، أما غير ذلك فسنبقى كالذي يحرث البحر ويزرع في الهواء ولا عزاء للصامتين

 

 

عبد الهادي الراجح

alrajeh66@yahoo.com