الاصلاح والاحتجاج .. من يعطّل الاخر ؟

 

؟

 


ترفض عيون كثرة من المحتجين رؤية الاشارات الايجابية الواردة من جلالة الملك والواردة من الحكومة تبعا لذلك , وإدخالها في مختبر الاصلاح للقياس على دعمها لهذا المسار او تراجعها عنه , فالعين البصيرة ترى الرسائل وتعيد انتاجها على البرامج والسلوك للخروج بخلاصات ومراجعات للخطوات القادمة على هدي من السلوك وتغيراته وليس استباق النتائج بأحكام مسبقة.

الدلائل والاشارات تحتاج الى التقاطة واعية والى عقل موصول بقلب مفتوح على بياض السريرة ,ليقرأ اولويات الناس وحاجاتهم , لتقرأ ان الامن الوطني هو هاجس ملكي وشعبي والامن الوطني كما يحتاج الى جيش محترف ومهني ومنضبط يحتاج ايضا الى بيئة حرة وفضاء مفتوح لا يخشى شيئا وهذا ما يقدمه الاعلام الحر والمهني في الاردن , فالخبر الاردني مفتوح لكل الكاميرات ولا يتلقاه المواطن الاردني من مواقع التواصل الاجتماعي كما اقطار اخرى ولم نسمع عن اغلاق مكتب فضائية او طرد مراسل لوكالة غير اردنية .

ما نحتاجه فقط قراءة الرسائل بعين واعية ومبصرة لا بعقل منغلق على ما في خرائطه الدماغية ويرفض مشاهدة التغيرات الجارية على المشهد الاردني بعد تحرك الشارع الشعبي ومطالبته بدور وحضور على ساحة القرار السياسي , فالاعتراف من جهاز الامن العام بتحمله مسؤولية ما جرى في ساحة النخيل سابقة ما كانت لتحصل لولا هذا التغير وهذا الحراك وتراجع وزير الداخلية عن تصريحات مستفزة او اعلانه بأنها مجتزأة مهم جدا ايضا في الدلالة السياسية , فهي استجابة لغضب الشارع من هذه التصريحات .

مؤخرا اخرجت الحكومة قانون البلديات ومر من محطة النواب وهو قانون يحمل اشارات ايجابية من حيث الاشراف على العملية الانتخابية قضائيا وهذا مؤشر على ان زمن الجداول المغلقة والقابعة في ادراج الموظفين الذين نعرفهم منذ انتخابات كثيرة قد انتهى ولا مجال لاعادة تجارب سابقة كان فيها الناجح معروفا منذ زمن وما يجري من عملية تسجيل وتدقيق وتنقيح للجداول مجرد اكسسوار اجرائي لاعلان نتائج معدّة سابقا .

طبعا ليس هذا هو الطموح ولا منتهى الامل , بل هو خطوة على طريق الاستجابة لمطالب الشارع وطموحه الواسع في اردن ديمقراطي خال من الفساد والمحسوبية ويأخذ المواطن فيه حقه بعدالة ودون حاجة لهاتف من العيار الثقيل , اردن توّزع فيه عوائد الموازنة على المحافظات بعدالة وتفتح الشوارع فيه حسب الحاجة السكانية لا حسب سكن المسؤول او المدعوم , وصولا الى اردن يفوز فيه المرشح بأصوات الناس دون المال الحرام ودعم مخفي مجهول ومعلوم النسب , ووزير لا تطارده الملفات السوداء او تحكمه مصالح شركته او وظيفته بعد الخروج من الحكومة .

ثمة تغير في المشهد الاردني وثمة سلوك جديد فرضته الحركة الشعبية المقدرة والواعية وستحميه مستقبلا اذا ما لمست تراجعا لكننا للمرة الالف نقول نحن بحاجة الى عين واعية لا عين تأتي بقرار مسبق للحكم على الاشياء او ترفض اي مقياس سوى مقياسها وترفض اي رأي سوى رأيها الذي بات محاطا بالشكوك وبالرغبات الشخصية لقطاف ما اسفرت عنه الحراكات الشعبية .

omarkallab@yahoo.com