لماذا يرفض الأردن الكونفدرالية المقترحة ؟؟؟


بلغة حاسمة وقوية لا تحتمل التأويل أعلن الأردن تأكيده من جديد على حق الشعب الفلسطيني بإقامة دولته المستقلة فوق ترابه الوطني على حدود 1967 وأكد انه لا بديل عن حل الدولتين وان موقفه واضح ومعلن ولن يستطيع اي شيء او امر ان يغيره وجدد رفضه المطلق وعدم القابلية لنقاش المقترح الأمريكي المقدم للسلطة الفلسطينية والذي كشف عنه رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس بعيد استقباله وفداً من نشطاء اليسار الاسرائيلي في مكتبه برام الله حيث صرح عباس بأن غاريد كوشنر صهر الرئيس الأمريكي دونالد ترمب والمبعوث الأمريكي لعملية السلام في الشرق الأوسط جيسون غرينبلات تقدما له بمقترح خطة سياسية تتمحور حول قيام كونفدرالية مع الأردن حيث تسعى إدارة ترامب لإنهاء الملفات الحساسة في الصراع بين الفلسطينيين والاحتلال بدفع الفلسطينيين لتقديم تنازلات قاسية لصالح إسرائيل خاصة في ملفي القدس واللاجئين وقد ترجمت واشنطن مساعيها بالاعتراف بالقدس المحتلة عاصمة لإسرائيل في أيار الماضي بالإضافة الى قراراها الأخير قطع الدعم بشكل كامل عن منظمة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين الأونروا ومنذ فترة طويلة يتعرض الأردن لضغوطات كبيرة لتمرير هذه المشاريع التصفوية للقضية الفلسطينية في وقت تمر فيه المنطقة بأخطر وأدق مرحلة في تاريخها
وفي الوقت الذي ترفض إسرائيل وقف الاستيطان " وحل الدولتين " أي دولة اسرائيل ودولة فلسطينية على حدود سنة 1967 وهي المنصوص عليها في اتفاق (اوسلو) بين منظمة التحرير وإسرائيل سنة 1993 والذي لم تنفذ معظم بنوده التي كان مفروضا ان تسفر عن قيام الدولة الفلسطينية ولا زالت تل أبيب وبغطرسة كبيرة تتحدث عن حل دولة واحدة ذات صبغة قومية يهودية خالصة هويتها دينية وتكون لليهود فقط ما أدى إلى توقف مفاوضات السلام منذ نيسان 2014 وبكل وقاحة وانحياز تصر الإدارة الأمريكية ومن منظور وتفكير إسرائيلي لحل مسالة الصراع في الشرق الاوسط بتقديم مقترح الكونفدرالية بثوب جديد من خلال مبادرات خبيثة وحاقدة وتحت عناوين مفضوحة ومكشوفة تهدف الى ضم الفلسطينيين القاطنين في مناطق السلطة الفلسطينية إلى الأردن تحت عنوان الفيدرالية تارة والكونفدرالية تارة اخرى وبشكل يوحي بأنها خطوة وحدوية مقبولة وضرورية للشعبين وتحميل الأردن ما تبقى من الضفة وما فيها من هموم ومشاكل وبيئة إنسانية مدمرة والإلف من الأسرى والشهداء والجرحى يضاف الى ذلك وضع اقتصادي مأساوي ما يتطلب ذلك من أموال ضخمة تعجز عنها ميزانية الأردن وهي أحوج ما تكون لمشروع مارشال دولي

إسرائيل ترفض إعطاء الفلسطينيين حقوقهم الوطنية والسياسية على أرضهم وتطالب ان يكون الحل على حساب الفلسطينيين وحقوقهم وعلى حساب دول عربية أخرى وفي مقدمتها الأردن الذي كان حريصا على ان لا يقع في هذه المصيدة الحقيرة منذ البداية وهو يدرك خطورة الطرح الصهيوني لمشروع الكونفدرالية حيث كان موقفه واضح وصريح بأن أي صيغة وحدوية بين الأردن وفلسطين لن تكون إلا بعد قيام دولة فلسطينية حقيقية قابلة للحياة على التراب الوطني الفلسطيني دون أن يتحمل الفلسطينيون والأردن كلفة الحل عبر سياسات الضم والتوطين التي يسعى اليها اليمين الاسرائيلي كوسيلة لتفادي منح وضعية الدولة الكاملة للفلسطينيين في الوقت الراهن وهي تسوية ان حصلت ستمكن إسرائيل من تجنب تحمل مسؤولية وأعباء 3.5 مليون فلسطيني في الضفة الغربية وان للأردن مصلحة سياسية وإستراتيجية وأمنية في قيام دولة فلسطينية مستقلة لهذا يرفض بشدة أي صيغة للفيدرالية او الكونفدرالية لحل مشكلة اللاجئين والنازحين على حساب كيانه وعلى صعيد متصل فقد أعلن الملك الراحل الحسين قرار فكّ الارتباط القانوني والإداري مع الضفة الغربية عام 1988 كجزء من مواجهته لهذه المشاريع الصهيونية المبيتة
على الجميع إن يعوا جيدا ان هذا المقترح مشروع إسرائيلي بالأساس وينص ( على أن تكون الضفة الغربية المحتلة (بدون القدس) تحت الرعاية الأمنية الأردنيّة التي ستحمي حدود الكونفدراليّة الأردنيّة الفلسطينيّة مع إسرائيل على أن يعلن الاحتلال الإسرائيليّ ضمّ القدس المحتلة والمستوطنات إليه ودون معرفة مصير غور الأردن إن كان سيبقى تحت الاحتلال الإسرائيلي ام لا أمّا قطاع غزّة، فلن يكون جزءًا من الكونفدراليّة إنما سيتم إخضاعه لرعاية أمنيّة مصريّة رغم أن كافة الاتفاقيّات الموقعة بين السلطة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي تعتبر قطاع غزة والضفة وحدة واحدة ومن غير الواضح إن كانت الضفة الغربية ستحصل على اعتراف إسرائيلي أولًا ومن ثم سيُعلن عن قيام كونفدراليّة، كشأن أردني فلسطيني أم أنه سيتم التوقيع على الاتفاق الكونفدراليّ بين القيادة في الضفة الغربيّة وبين الحكومة الأردنيّة دون الاعتراف بدولة فلسطين ولا يوضح المقترح الإسرائيلي إن كان ستتم إقامة برلمان وإقرار دستور مشتركين بين البلدين )

أن سبب رفض الأردن للمقترح الكونفدرالي يكمن في إدراكه أن المطلوب منه هوالمساهمة في تصفية القضية الفلسطينية والتخلي عمليًا عن رعايته للمقدسات في القدس واعتباره أن المقترح الأمريكي مؤامرة كبيرة لن ينخرط فيها وهي جزء من صفقات مشبوهة للتمهيد لصفقة القرن المرفوضة شعبيا في ٍفلسطين والأردن وهي ايضا سرقة للقدس وإلغاء حق العودة والتعويض وتصفية لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الأونروا والكونفدرالية مشروع للوطن البديل و الدولة البديلة وإلغاء للهوية للفلسطينية عبر ترحيل و طرد الفلسطينيين الى الأرض الأردنية باعتبارها جزءا من دولة الوحدة إضافة الى تفريغ الأرض الفلسطينية بحكم الانتقال الطبيعي للسكان وان هذا الشكل من الوحدة سيحوّل الأردن إلى حارس حدود لإسرائيل من خلال استخدام قوات الأمن و القوات المسلحة الأردنية لتكون جدارا ً عسكريا ً عازلا ً للكيان الصهيوني على غير عقيدة الجيش العربي الأردني و تاريخه الجهادي المدافع عن فلسطين وان كل ما يجري ما هو الا مشروع لتصفية ما تبقى من القضية وجزء من العقوبات الموجه للأردن لموقفة اتجاه نقل السفارة الأمريكية للقدس الشريف وسياسات ترامب الطائشة وهو يهدف الى إثارة البلبلة والخلافات والفتن بين الأردن وفلسطين مؤكدين على إن مسألة الكونفدرالية بين الأردن وفلسطين مرفوضة تماماً في الوقت الراهن ما لم تقم دولة فلسطينية مستقلة ويجب أن لا يدفع الأردن ثمن الاحتلال ولا يكون ذلك على حساب سيادته ووحدته الوطنية وان لا يتم تحميل الأردن وحده حل القضية الفلسطينية فالشعب الأردني قدم دماءه ورجاله فداء لفلسطين وما زال يقدم في سبيل حماية القدس والأمة

واننا اليوم على يقين تام ان الاحتلال الإسرائيلي يسعى للهروب من استحقاقات عملية السلام إلى مسارات وأفكار ومشاريع أخرى غير مجدية تدفع الشعب الأردني والفلسطيني والشعوب العربية ثمنها ولا تخدم الفلسطينيين ولا مستقبل القضية ومقترح كوشنر ورفيقه لا يعدو كونه مجرد التفاف إجرامي واستعماري جديد على شرعية القضية الفلسطينية وتاريخ الصراع العربي الفلسطيني مع إسرائيل ومن المهم والضرورة في هذه المرحلة الثبات على الموقف الأردني الداعم و المساند للقيادة الفلسطينية الممثلة للشعب الفلسطيني حتى ينال جميع حقوقه التاريخية و إقامة دولته المستقلة كاملة السيادة على التراب الوطني الفلسطيني وعاصمتها القدس والعمل الفلسطيني المشترك نحو تحقيق المصالحة و انهاء حالة الانقسام الفلسطيني والحفاظ على وحدة التراب الفلسطيني بين غزة و الضفة الغربية و ضرورة الإجماع الفلسطيني على البرنامج الوطني الفلسطيني الموحد نحو الحرية والاستقلال وهذا يستوجب منا جميعا أردنيون وفلسطينيون مقاومة هذه الكونفدرالية الآثمة بمختلف الوسائل والطرق

إضاءة :

الأردن ومنذ زمن طويل يرفض فكرة الكونفدراليه مع الضفة الغربية المحتلة ومن المواقف الطريفة والمبدئية والشجاعة لجلالة الملك الحسين رحمه الله عندما قال له الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات ان اتفاق الكونفدرالية بين الأردن وفلسطين جاهز في جيبي فأجابه جلالة الحسين ابقي الاتفاق في " جيبك " الي ان تصبح فلسطين دولة محررة مستقلة ثم بعدها نبحث الامر هكذا هم الهاشميون ضمير حي وتضحيات عظيمة ومواقف لا تتبدل
حمى الله الأردن وفلسطين من شر الكائدين

mahdimubarak@gmail.com










.