اذهبوا الى السعودية...فإن فيها ناطق إعلامي محترف

اخبار البلد

 

استغرب كثيرا عند عقد المؤتمرات الصحفية في الأردن خاصة المؤتمرات ذات الطابع الأمني...لا اعرف من الذي يقوم بإعدادها وتنظيمها والإشراف عليها...

ولا أعرف ما هو الهدف من حشد مجموعة من الوزراء والقادة الأمنيين لاستعراض الأحداث الأمنية التي حدثت ثم الإجابة على أسئلة وأستفسارات الصحفيين والإعلاميين......

المتعارف عليه عالميا ومهنيا عند وقوع حدثا أمنيا في بلد ما يتولى إدارة الحدث إعلاميا متحدثا رسميا( نطاقا إعلاميا) ويتواصل مع وسائل الإعلام المختلفة وفق خطة إعلامية محكمة يتناول بمهارة بنودها خطوة بخطوة مسيطرا بذلك على الحدث إعلاميا ومتحكما بشكل عام بنوعية الأخبار والمواد الإعلامية المتعلقة بالحدث.. . ويكبّل الإعلاميين معلوماتيا وإعلاميا....ويخلق جو عام من الثقة والمصداقية بينه وبين الجمهور ووسائل الإعلام...

الناطق الإعلامي المتمكن من مهنته يتعامل مع الأحداث الأمنية بحرفية عالية ويدير مفاصل الأزمة إعلاميا مرسلا رسائله الإعلامية بما يخدم كل مرحلة من مراحل الأزمة ...موازنا بين رغبة الجماهير ووسائل الاعلام للحصول على كافة التفاصيل المتعلقة بالأزمة اولا بأول وبين المحافظة على سرية سير اجراءات العمل الأمنية على أرض الواقع...

عند الانتهاء من سير العمليات واقفال العملية الأمنية....لا بد من عقد مؤتمر صحفي من قبل الناطق الإعلامي لبيان كافة التفاصيل المتعلقة بالحدث الأمني والإجابة على استفسارات واسئلة الصحفيين والإعلاميين..

ما ذكرته سابقا هو الأسلوب الأمثل والانموذج في إدارة الحدث إعلاميا....عدا ذلك هو تخبط إعلامي وعدم ثقة بالنفس أو عدم القدرة في إدارة الناطق الإعلامي للأزمة أو الحدث إعلاميا....أو تغول المسؤولون على الناطق الإعلامي ولعب دوره بحثا عن الشهرة وبريق الكاميرات التلفزيونية والمانشيتات الصحفية....

أهل مكة أدرى بشعابها...والناطق( المتحدث) الإعلامي يعرف جيدا كيف يسيّر المؤتمر الصحفي والتعامل مع الصحفيين وأسئلتهم ما ظهر منها وما بطن بحرفية إعلامية عالية...كيف لا وهي مهنته وخبرته التي يجيدها عن ظهر قلب....
فمتحدث إعلامي واحد أثناء المؤتمر الصحفي هو الأسلوب الأمثل والاصح لادارته إعلاميا .... شخص واحد يجيب على جميع الأسئلة والإستفسارات الصحفية دون تخبط أو تضارب بالمعلومات المقدمة ...يفهم ويعرف جيدا عند طرح السؤال من قبل الصحفي ماهو الهدف الظاهري والباطني من أي سؤال.....
أما حشد المسؤولين وترتيبهم على منصة المؤتمر الصحفي والبعض منهم ليس لديه الحنكة والدهاء الإعلامي للتعامل مع الصحفيين وأسئلتهم...ولا يتسلح بالخبرة المهنية الإعلامية لمجارات أصحاب الخبرات والدهاء الإعلامي وأقصد هنا الصحفيين والإعلاميين...ان حشدهم بإعداد مصيبة إعلامية وفشل إعلامي حتمي - الشواهد كثيرة- لأسباب عدة بعضها يتعلق بالتضارب بين تصريحات المسؤولين والبعض الاخر ( حرق) لبعض المسؤولين لأن الجماهير والصحفيين سوف يقارنوا بين أعضاء منصة المؤتمر الصحفي والتفاضل بينهم....عدا عن أن بعضهم ليس لديه الحنكة الإعلامية في الرد على أسئلة وأستفسارات الصحفيين والإعلاميين فيظهر بمظهر الضعيف أو خارج التغطية.....أضف إلى ذلك أن بعضهم غير متمكن إعلاميا ومعلوماتيا في مواجهة الصحفيين...
إن حشد عدد من المسؤلين للمؤتمر الصحفي له دلالة واحدة من المنظور الإعلامي هو ضعف أو عدم ثقة بالمتحدث ( الناطق) الإعلامي في مواجهة سهام الصحفيين...والعدد الكبير من المسؤولين على منصة المؤتمر أيضا له دلالة على عدم قدرة أحدهم على إدارة المؤتمر الصحفي لذلك تم( جمعهم) على المنصة للاستعانة ببعضهم البعض على مواجهة هذه السهام الناري إلا ان عواقبه وخيمة هذا الأسلوب كما أسلفت سابقا...

الولايات المتحدة الأمريكية على عظمتها ودول أوروبية وغيرها.. لم نشاهد وزيرا أو قائدا أمنيا من الصف الأول يدير مؤتمرا صحفيا للتعليق على أحداث أمنية أو عسكرية....لأن هذا ليس عمله وغير محترف به وليس لديه الخبرات والتجارب الإعلامية كما لدى الناطق الإعلامي ....فلديهم متحدثا رسميا مؤهلا لمواجهة الإعلام والتعامل معه بحرفية ومهنية إعلامية عالية..

على الساحة العربية أجد وبدون رياء ومواربة ونفاقا أن الأشقاء السعوديين أبدعوا في مجال المتحدث( الناطق) الإعلامي وهم على المستوى العربي الأفضل والانجح ...فلديهم ناطقا إعلاميا باسم وزارة الداخلية اللواء منصور التركي له خبرة في هذا المجال عقودا طويلة....لم يتم الإطاحة به بالرغم من مرور عقودا وهو في موقعه...ولم يتم تغييره بنظرة ضيقة قصيرة النظر من مسؤول يجهل عمل( المتحدث) الناطق الإعلامي وأهميته ودوره الدقيق والحساس جدا في إدارة الأزمات إعلاميا ... فالتركي...متمرس محنك...داهية إعلامية....لا نجد له مثيلا أو نظيريا في الدول العربية... ولم نشاهد غيره يتعامل مع الأحداث الأمنية الداخلية إعلاميا....لم نشاهد بجانبه على منصة المؤتمر الصحفي وزير الداخلية أو الاعلام السعودي ولا مدير الأمن العام أو قائد الدرك السعودي.... بل الفريق الركن تركي المتحدث الرسمي بإسم وزارة الداخلية...

أيضا على المستوى العسكري والحروب ...فقد أفرزت الحرب اليمنية متحدثين رسميين سعوديين هما اللواء أحمد العسيري والعقيد تركي المالكي اللذين ابدعا إعلاميا وتفوقا على أعظم المتحدثين الرسميين العسكريين عالميا ...بالخبرات والدهاء والحنكة الاعلامية... وأدارا إعلاميا حربا ضروسا...وقف كل واحدا منهم أمام الصحفيين وحيدا دون الاستعانة بمسؤول رفيع المستوى .... لم نشاهد وزير الدفاع السعودي أو قائد الجيش السعودي يعقدا مؤتمرا صحفيا للحديث عن عمليات التحالف والحرب الدائرة في اليمن وعلى الحدود الجنوبية للمملكة العربية السعودية...اتعرفون السبب انه التخصص في الواجبات والعمل والثقة المطلقة بالمتحدث الرسمي( الناطق) الإعلامي......
أنصح جميع الدول العربية للاستفادة من الخبرات والقامات الإعلامية السعودية في مجال المتحدث( الناطق الإعلامي) العسكري...فالمملكة العربية السعودية الشقيقة في العقود الأخيرة هي أكثر الدول العربية لديها الخبرات والتجارب الإعلامية الأمنية والعسكرية.....فقد خاضت وتخوض حربا عسكرية منظمة( جيش ضد جيش) لم تخضها أي من الجيوش العربية في العقود الأخيرة مما اكسبها خبرات إعلامية حربية وعسكرية عظيمة لاتجدها عند اي دولة أخرى......
كذلك على الصعيد الامن الداخلي - للأسف- تعرضت الشقيقية السعودية لأحداث أمنية داخلية جراء الهجمات الارهابية التي تقودها قوى الشر والظلام والمنحرفين عن العقيدة الإسلامية السمحة ...فأفرزت هذه الاحداث المؤسفة قامات إعلامية أمنية ترفع لها القبعة احتراما وتقديرا....تعاملت هذه الخبرات الإعلامية الأمنية مع الأحداث بحرفية ومهنية عالية لذلك لابد من استغلالها والاستعانة بها عربيا والنهل من خبراتها وابداعاتها الاعلامية الامنية....أليس هنالك اتفاقيات للتعاون وتبادل الخبرات والتجارب والإمكانيات بين الدول العربية.. أعتقد أنه حان الوقت للعرب جميعا أن يستفيدوا وينقلوا تجربة المتحدث( الناطق) الإعلامي الأمني والعسكري السعودي
إلى بلدانهم ...فالحرفية السعودية الإعلامية في المجالين الأمني والعسكري تفوقت عالميا واصبحت مرجع يدرس في فن الإعلام الحربي والأمني...ابطاله متحدثين( ناطقين) إعلاميين متخصصين محترفين وليس وزراء وقادة عسكريين......وللحديث بقية

ألم يحن الوقت أن نتعلم من تجاربنا الإعلامية السابقة أن المتحدث الرسمي( الناطق الإعلامي) هو أخطر طرف في أي حدث ..وأن عمل الناطق الإعلامي لا يستطيع القيام به إلا شخص محترف اعلاميا...أما آن الأوان ان يعلم المسؤولين ان عملهم ليس ناطقا إعلاميا ولا يحق لهم لعب دور الناطق الإعلامي حتى ولو كانوا في أعلى درجات المسؤولية...الآ يعلم المسؤول وزيرا كان أم قائدا أن خطأ الناطق الإعلامي يمكن تلافيه( تقطيبه) وأن خطأه الإعلامي كارثة وحرق له...