.. المحاكمة هناوالمحاكمة هناك!

لدى الجلسة الأولى في محاكمة الرئيس السابق حسني مبارك، نعرف أن مبارك «ليس صدام حسين»!!. وأن الدولة في مصر متماسكة بفضل قواتها المسلحة في حين أن العراق كان لا دولة بعد أن حلّ السفير بريمر الجيش العراقي، والأمن، ووزارات الدولة والقضاء. أما القوى السياسية المصرية فعلى الرغم من انها وليدة المنظمات الدينية والسلفية، والأحزاب المدنية الشابة، والمجموعات التي فرّخها الإنترنت، إلا أنها بقيت مزروعة في ميدان التحرير في حين جاءت الأحزاب العراقية المذهبية والعنصرية على ظهر الدبابات الأميركية ومن كهوف النظام القمعي الإيراني!!.

التداعيات الذهنية لمحاكمة الرئيس السابق حسني مبارك والرئيس الراحل صدام حسين، لا نقصد منها مقارنة أوضاع حاكمين عربيين لهما مشارب مختلفة، وانتظرتهما نهايات مختلفة، أو مفاضلة أوضاع قطرين عربيين شقيقين وقعا في أخطر مراحل التغيير ليس في رؤوس النظامين أو شعاراتهما، وإنما في وسائل التغيير ومناهجه. فعلينا أن ندرك أن في مصر وفي العراق أقدم أنظمة الدولة.. وتعود إلى ستة آلاف عام قبل المسيح, فالبلدان العظيمان كانا أكثر مجتمعات زراعية متحضرة وأقدمها في العالم!!

ما نريد أن نشير إليه هو ان ما يجري الآن في مصر غير ما يجرى في العراق, وغير ما يجري في ليبيا وسوريا واليمن, والسبب واضح هو ان الجيش المصري يمسك بزمام السلطة ويفرضها في الشارع, وان المجتمع المصري لا يمثل هذه الدموية التي نشهدها في ليبيا واليمن وسوريا.

إن سقوط نظام الرئيس حسني مبارك أو سقوط نظام بن علي هو سقوط لم يحطّم هياكل الدولة, ولم تتناثر قطعه في الفضاء الدولي. وبقي كل شيء داخل حدود الدولة, ومعنى ذلك أن كلفته العربية والدولية كانت في حدودها الادنى.

المحاكمة في القاهرة غير المحاكمة في بغداد ولا وجه للشبه بينهما!!