|
ما قامت به حفنة من «شبيحة» النظام السوري في عمان ضد الذين اعتصموا على باب السفارة السورية في عمان (ليلة الأربعاء) مثير للغثيان، وهو يشير إلى الدرك الأسفل الذي بلغه النظام وأزلامه، ليس في داخل سوريا فقط، بل في الخارج أيضا، حيث تابعنا شيئا من نشاطات شبيحة الخارج في أكثر من عاصمة عربية وعالمية.
ما قامت به تلك الحفنة يعكس طبيعة النظام الذي تدافع عنه، وهي طبيعة باتت مفضوحة ويدركها سائر العقلاء. إنها طبيعة تكره الحوار والعمل السياسي السلمي، وتفضل عليه سياسة العنف ضد المعارضين، ومن يتابع ما يفعله النظام بالمدن السورية يدرك ذلك بكل وضوح.
الأسوأ بالطبع هو قيام بعض قومنا بالرحيل إلى سوريا والحديث باسم الأردنيين تأييدا لنظام القمع في دمشق، وهي ممارسة لا تليق إلا بالغوغاء الذين ينحازون للظلم ضد أشواق الشعوب في الحرية والكرامة.
بوسع بعضهم أن يبرروا ما يفعلون بحكاية المقاومة والممانعة، ويضعوا فلسطين شعارا لأقوالهم وأفعالهم، لكن ذلك لن يخفي حقيقة أن من بينهم مرتزقة ينحازون لمصالحهم، بدليل أن من بينهم من يناصر نظام القذافي أيضا، ذلك الذي لم تعرف له مقاومة ولا ممانعة منذ سنوات طويلة، تحديدا منذ أن قرر أن يقايض قضايا الأمة وثروات ليبيا ببقائه؛ مجرد البقاء.
على أن فلسطين التي بارك الله فيها وحولها لا تقبل مثل هذه الممارسة، وهي أطهر من أن تُستخدم شماعة لتبرير القمع والطائفية المقيتة، وتالله إننا نفضل أن تبقى فلسطين محتلة على أن تكون مبررا لقمع الناس وقتلهم باسمها، لأن دم المسلم أكرم عند الله من الكعبة، وبالضرورة من فلسطين. نقول ذلك من حيث المبدأ رغم إيماننا الذي لا يتزعزع بأن أنظمة تدوس كرامة شعوبها الأبية لا يمكن أن تساهم في تحرير فلسطين على نحو حقيقي ومقنع.
عشنا لفلسطين ونؤمن بقضيتها ونحمل همها وهم أهلها وأسراها وشهدائها، وننحاز للمقاومة والممانعة دون تردد، لكننا نأبى على أنفسنا أن نقايض حريتها بحرية شعب عظيم مثل الشعب السوري كان على الدوام منحازا لها أكثر بألف مرة من نظام يدافع عن وجوده أكثر من أي شيء آخر، ومن سمع كلام رامي مخلوف لصحيفة نيويورك تايمز سيدرك عن أي نظام يدافع.
«صمتكم يقتلنا».. قال السوريون للعرب والمسلمين يوم الجمعة الماضية، ونحن ومعنا كل الشرفاء في هذه الأمة نرفض أن نكون في صفوف القتلة تحت أي ذريعة كانت، حتى لو كانت تلك الذريعة هي فلسطين أو شعارات المقاومة و الممانعة.
من هنا كان علينا جميعا أن نصرخ بملء أفواهنا، بأن لا للقتلة، ونعم لحرية الشعب السوري، بل نعم لحرية كل شعب عربي دون تفريق بين شعب وآخر، فالطغاة لن يكونوا في يوم من الأيام سوى عبيد لأهوائهم، وحتى لو نصروا الحق في وقت من الأوقات، فهم إنما يفعلون ذلك من أجل مصالحهم لا أكثر.
من شاء أن يشارك في جريمة الصمت التي تقتل السوريين الشرفاء، فليبؤ بالإثم وحده، أما الشرفاء في هذه الأمة فلن يتورطوا في جريمة كهذه، وسينتصرون لكل شعب عربي يثور على الظلم مهما كان حاكمه والشعارات التي يتبناها، مع أنهم يؤمنون بأن من ينتصر للمقاومة والممانعة لن يقف ضد شعبه بحال من الأحوال (هل يقاوم النظام ويمانع بعضلاته وعضلات المنتفعين من وجوده وفساده، أم بشعبه ومقدراته؟!).
نقول لإخوتنا السوريين، ولإخوتنا الليبيين، ولسائر الثائرين على الظلم: لا تؤاخذوا أمتكم بما يفعل السفهاء، وتذكروا أن الغالبية الساحقة من أبنائها تقف معكم دون تردد، فواصلوا ثورتكم على الظلم حتى يأذن الله بالنصر القريب.
|