نقابة المعلمين... عملاق قادم

اعادت الموافقة الحكومية على تأسيس نقابة للمعلمين الحياة لمفهوم حق العاملين في القطاع العام بتأسيس نقابات تمثلهم.. هذا الحق الذي كان مكفولا في فترة الخمسينيات وألغته الحكومة بقرار من السلطة القضائية في حينه وقلصت بذلك قاعدة النقابات وأضعفتها.

نقابة المعلمين عملاق جماهيري جديد قادم بقوة ربما تزيد عن قوة النقابات المهنية الاخرى (كالمهندسين والأطباء وغيرهم) وتستند هذه القوة الى عدة اعتبارات اهمها على الإطلاق الزامية الانتساب للنقابة التي مررها النواب رغم ان المعايير الدولية لا تقر هذه الإلزامية حيث يعتبر الانتساب الى اي نقابة حقا شخصيا يقرره اعضاؤها المفترضون, اما الاعتبار الآخر فهو ان عضوية هذه النقابة (المعلمين) مرتبطة بالعمل والانتاج ومتركزة في مهنة واحدة بعكس النقابات المهنية الاخرى التي تضم خليطا من اصحاب العمل والعاملين في الحكومة او القطاع الخاص او القوات المسلحة او العاملين لحسابهم الخاص الأمر الذي قد يجعل مصالحهم متضاربة بين حالة واخرى ما عدا الاتفاق على القضايا السياسية.

هذا الارتباط بالإنتاج ووحدة المصالح المهنية والمطلبية بالاضافة الى تمثيل النقابة لكافة العاملين يحولها الى قوة جماهيرية عملاقة ولأن المعلمين هم من اكثر الفئات الاجتماعية التي تعاني من ظروف الحياة الصعبة والوضع الاقتصادي الصعب, ولأن هذا الوضع في تراجع والمشاكل الاجتماعية في تزايد فإن مهمة هذه النقابة ستتحول وتتركز في المستقبل لتصبح مهمة مطلبية بحتة, ولأن القدرة على مواجهة متطلبات المعلمين ومطالبهم محدودة لدى الحكومة او الحكومات القادمة فإن اشكال تحرك النقابة ستتنوع وربما تتحول الى مواجهة في لحظة معينة تتمخض عنها اعتصامات او اضرابات, وهنا يكمن الفرق الهائل بين تنظيم نقابي مهني كنقابة المعلمين وبين النقابات المهنية الاخرى, هذا اذا اغفلنا الجانب السياسي في حركة هذه النقابة وهو غير معروف حتى الآن بحكم آلية تشكيل قيادتها والشكل الهرمي لتشكيل هذه القيادة الذي يجعل من الصعب على طرف سياسي واحد السيطرة على قرارها او توجهها السياسي.

نقابة المعلمين اختراق واضح في جانب حق العاملين في القطاع العام بالتنظيم النقابي رغم ان الحكومة الاردنية لم توقع حتى الآن على الاتفاقية رقم (87) من اتفاقيات منظمة العمل الدولية التي تعطي الحق لهؤلاء بتأسيس نقابات تمثلهم.

تأسيس نقابة العاملين في البنوك سيفتح بدون شك شهوة العاملين في المؤسسات الحكومية الاخرى لتأسيس نقابات خاصة بهم وذلك تحت ضغط الواقع الاقتصادي والاجتماعي, ورغم أن ذلك لا يبدو سهلا في بلد مثل الاردن حتى الآن رغم ان هذا الحق معترف به في دول عربية اخرى الا انه سيكون عاملا ضاغطا على السلطة التنفيذية وسيعزز من دور النقابات العمالية في الايام المقبلة ... اما نقابة المعلمين فإنها بلا شك ستكون عملاقا جماهيريا له دور مطلبي وربما سياسي كبير في المستقبل.0