طاهر العدوان يكتب: مجلس النواب واللحظة التاريخية
يتحسس النواب من اي حديث عن حل المجلس, مع ان هذا سيحدث في وقت قريب او بعيد, لكن في جميع الاحوال سيأتي الحل قبل ان يستكمل المجلس نصف مدته على اكثر تقدير. وإلا فإن كل حديث عن الاصلاح سيكون مجرد ذر للرماد في العيون وهو ما لا تحتمله البلاد ولا يرضى عنه العباد.
لا يريد العديد من النواب تقبل هذا الواقع متمسكين بالافتراض الخطأ بأن الحالة السياسية ستتجمد بعد اقرار التعديلات الدستورية في مجلس الامة خلال الشهر الحالي. وبأن مصير الاصلاح القائم على قانوني الانتخاب والاحزاب سيظل في عهدة المجلس ليقرهما تحت حسابات ومخاوف الحل. بمعنى آخر; خلق الظروف القسرية لتأجيل موعد اجراء الانتخابات النيابية, الى ابعد مدى يستطيعه النواب..
لقد شكلت التعديلات الدستورية مطلبا جماهيريا منذ بداية التحركات الاصلاحية على المستوى الشعبي والسياسي. بل انها كانت شرطا مسبقا لالتئام لجنة الحوار الوطني من اجل وضع مشروعي قانوني الانتخابات والاحزاب. فالتعديلات تعتبر ضرورية لتسهيل عملية التحول الديمقراطي من خلال انتخابات نيابية جديدة (تُسرع الاصلاح) وتوسع فرص المشاركة الحزبية على اساس القوائم, فإذا ما اجتزىء من التعديلات للتطبيق (حد صلاحيات الحكومة باصدار قوائم مؤقتة ومد فترة الدورة العادية للمجلس) فقط وترك الباقي للزمن, او لمسار اصلاحي غامض, فإن القبول الشعبي بالتعديلات الدستورية يصبح امراً صعباً, لانه سينظر اليها كاداة لتأجيل الاصلاح وليس تسريعه.
الشعب الاردني تَعوّد على الصبر ويستطيع ان يحتمل تأخير الانتخابات المقبلة لعدة اشهر او حتى عام الى ان يفرغ مجلس النواب من اقرار قانوني الانتخابات والاحزاب. لكن دائرة السخط العام ستتوسع اذا احس الناس بأن هناك مماطلة وتباطؤا في اقرار قانوني الانتخابات والاحزاب وسيتحمل المجلس أعباء فاتورة (شراء الوقت) باعتبارها التفافاً على عملية الاصلاح. وهذه تكلفة باهظة لا يستطيع المجلس الحالي ولا السادة النواب تحملها على المستوى الوطني والشعبي.
بالمقابل, يمتلك المجلس الحالي فرصة استغلال اللحظة التاريخية الراهنة ليصحح الانطباعات السلبية بين الاردنيين عن ادائه ودوره, اذا ما قرر ان يدخل تاريخ الاردن كمجلس استثنائي اسس للحريات الديمقراطية, ووضع الدستور الجديد باعادة الحياة الى دستور 1952 . ومهد الارض لإنتقال البلاد الى انتخابات نيابية غير مسبوقة في نزاهتها من خلال الاسراع باقرار قانوني الانتخابات والاحزاب.
المجلس الحالي مخيّر: أن يكتسب هذه الصفة في تاريخ البلاد فَيُكرّس نفسه جزءا اساسيا من عملية الاصلاح المنسجمة مع تطلعات الملك والشعب, او ان يختار وجهة اخرى هي (تبريد) الاصلاح ونزع الدسم من قوانينه وتحويل اللحظة التاريخية الى انتكاسة ديمقراطية لن تنساها الذاكرة الوطنية ولا تفسير منطقي سوى الخضوع لرغبات دفينة بفرض استمرار المجلس حتى عام .2014 رغم وجود قناعة وطنية عامة بأن الوقت من ذهب, وبأن تسريع الاصلاح يبدأ بانتخابات مبكرة تطفىء احتجاجات الشارع وتجنب الاردن مخاطر خريف سياسي.
إما ان يحول النواب مجلسهم الى (مجلس انتقالي) تاريخي ينقل البلاد الى الاصلاح الشامل والحياة السياسية الحرة او اختيار مسار شراء الوقت الذي يحمل نتيجة واحدة وهي حتمية حل المجلس عاجلاً ام آجلاً, وعلى النواب تقبل الحقيقة بأن اوراق لجنة الحوار واللجنة الدستورية لم تُنجز ليشرب الناس ماءها او لتوضع على الرف لثلاث سنوات اخرى انما ليروها حقائق في حياة بلدهم بأسرع وقت.