عن الكذب والنبي والصحافة!

 

 


عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ ، قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا صَلَّى الْغَدَاةَ ، أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ ، فَقَالَ : « هَلْ رَأَى أَحَدٌ مِنْكُمُ اللَّيْلَةَ رُؤْيَا ؟ فَإِنْ كَانَ أَحَدٌ رَأَى فِيهَا رُؤْيَا قَصَّهَا عَلَيْهِ ، فَيَقُولُ فِيهَا مَا شَاءَ اللَّهُ ، فَسَأَلَنَا يَوْمًا : هَلْ رَأَى أَحَدٌ مِنْكُمُ رُؤْيَا ؟ فَقُلْنَا : لا . قَالَ : لَكِنِّي رَأَيْتُ اللَّيْلَةَ رَجُلَيْنِ أَتَيَانِي ، فَأَخَذَا بِيَدِي ، فَأَخْرَجَانِي إِلَى أَرْضٍ مُسْتَوِيَةٍ ، أَوْ فَضَاءٍ ، فَمَرَرْنَا بِرَجُلٍ جَالِسٍ ، وَرَجُل قَائِمٌ عَلَى رَأْسِهِ ، وَبِيَدِهِ كَلُّوبٌ مِنْ حَدِيدٍ يُدْخِلُهُ فِي شِدْقِهِ ، فَيَشُقُّهُ حَتَّى يَبْلُغَ قَفَاهُ ، ثُمَّ يَفْعَلُ بِشِدْقِهِ الآخَرَ مِثْلَ ذَلِكَ ، وَيَلْتَئِمُ شِدْقُهُ هَذَا ، فَيَعُودُ فِيهِ ، فَيَصْنَعُ بِهِ مِثْلَ ذَلِكَ ، قَالَ : قُلْتُ: مَا هَذَا ؟ قَالا : انْطَلِقْ . فَانْطَلَقْنَا حَتَّى أَتَيْنَا عَلَى رَجُلٍ مُضْطَجِعٍ عَلَى قَفَاهُ ، وَرَجُلٌ قَائِمٌ عَلَى رَأْسِهِ بِفِهْرٍ أَوْ صَخْرَةٍ يشدخُ رَأْسَهُ ، فَإِذَا ضَرَبَهُ تَدَهْدَهَ الْحَجَرُ ، فَانْطَلَقَ إِلَيْهِ لِيَأْخُذَهُ ، فَلا يَرْجِعُ إِلَى هَذَا حَتَّى يَلْتَئِمَ رَأْسُهُ ، وَعَادَ رَأْسُهُ كَمَا كَانَ ، فَعَادَ إلَيْهِ فَضَرَبَهُ ، فَهُوَ يَفْعَلُ بِهِ ذَلِكَ ، فَقُلْتُ : مَا هَذَا ؟ قَالا : انْطَلِقْ . فَانْطَلَقْنَا حَتَّى أَتَيْنَا إِلَى بَيْتٍ قَدْ بُنِيَ بِنَاءَ التَّنُّورِ ، أَعْلاهُ ضَيِّقٌ وأَسْفَلُهُ وَاسِعٌ ، تُوقَدُ تَحتَهُ نَارٌ ، فَإِذَا أُوقِدَتِ ارْتَفَعُوا حَتَّى كَادُوا يَخْرُجُونَ مِنْهَا ، فَإِذَا خَمَدَتْ رَجَعُوا فِيهَا، وَفِيهَا رِجَالٌ وَنِسَاءٌ عُرَاةٌ ، فَقُلْتُ : مَا هَذَا ؟ قَالا : انْطَلِقْ . فَانْطَلَقْنَا حَتَّى نَأْتِيَ عَلَى نَهْرٍ مِنْ دَمٍ ، فِيهِ رَجُلٌ قَائِمٌ ، وَعَلَى شَطِّ النَّهْرِ رَجُلٌ قَائِمٌ بَيْنَ يَدَيْهِ حِجَارَةٌ ، فَأَقْبَلَ ذَلِكَ الرَّجُلُ الَّذِي فِي النَّهْرِ ، فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ مِنْهُ رَمَى الرَّجُلَ بِحَجَرٍ فِي فِيهِ ، فَرَدَّهُ حَيْثُ كَانَ ، فَجَعَلَ كُلَّمَا جَاءَ لِيَخْرُجَ رَمَى فِي فِيهِ بِحَجَرٍ ، فَرَدَّهُ حَيْثُ كَانَ ، فَقُلْتُ لَهُمَا : مَا هَذَا ؟ قَالا : انْطَلِقْ . فَانْطَلَقْنَا حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى رَوْضَةٍ خَضْرَاءَ ، فِيهَا شَجَرَةٌ عَظِيمَةٌ فِي أَصْلِهَا شَيْخٌ وَصِبْيَانٌ ، وَإِذَا رَجُلٌ قَرِيبٌ مِنَ الشَّجَرَةِ بَيْنَ يَدَيْهِ نَارٌ يَحُشُّهَا وَيُوقِدُهَا ، فَصَعِدَا بِي فِي الشَّجَرَةِ فَأَدْخَلانِي دَارًا وَسْطَ الشَّجَرَةِ ، فَلَمْ أَرَ دَارًا قَطُّ أَحْسَنَ مِنْهَا ، فِيهَا رِجَالٌ شُيُوخٌ وَشُبَّانٌ ، وَفِيهَا نِسَاءٌ وَصِبْيَانٌ ، ثُمَّ أَخْرَجَانِي مِنْهَا ، فَصَعِدَا بِيَ الشَّجَرَةَ فَأَدْخَلانِي دَارًا أُخْرَى هِيَ أَحْسَنُ مِنَ الأُولَى وَأَفْضَلُ ، فِيهَا شُيُوخٌ وَشَباب ، فَقُلْتُ لَهُمَا : إِنَّكُمَا قَدْ طَوَّفْتُمَانِي مُنْذُ اللَّيْلَةِ ، فَأَخْبِرَانِي عَمَّا رَأَيْتُ ؟ قَالا : نَعَمْ . أَمَّا الرَّجُلُ الَّذِي رَأَيْتَ يُشَقُّ شِدْقُهُ ، فَإنَّهُ رَجُلٌ كَذَّابٌ يَتَحَدَّثُ بِالْكَذْبَةِ ، فَتُحْمَلُ عَنْهُ حَتَّى تَبْلُغَ الآفَاقَ ، فَهُوَ يَصْنَعُ بِهِ مَا تَرَى إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ . وَأَمَّا الرَّجُلُ الَّذِي رَأَيْتَهُ يُشْدَخُ رَأْسُهُ ، فَإِنَّ ذَلِكَ رَجُلٌ عَلَّمَهُ اللَّهُ الْقُرْآنَ ، فَنَامَ عَنْهُ بِاللَّيْلِ وَلَمْ يَعْمَلْ بِمَا فِيهِ بِالنَّهَارِ ، فَهُوَ يُعْمَلُ بِهِ مَا رَأَيْتَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ . وَأَمَّا الَّذِي رَأَيْتَ فِي الْبَيْتِ وَالتَّنُّورِ ، فَهُمُ الزُّنَاةُ . وَأَمَّا الَّذِي رَأَيْتَ فِي نَهْرِ الدَّمِ ، فَذَاكَ آكِلُ الرِّبَا . وَأَمَّا الشَّيْخُ الَّذِي رَأَيْتَ فِي أَصْلِ الشَّجَرَةِ فَذَاكَ إِبْرَاهِيمُ . وَأَمَّا الصِّبْيَانُ الَّذِي رَأَيْتَ حَوْلَهُ ، فَأَوْلادُ النَّاسِ . وَأَمَّا النَّارُ الَّتِي رَأَيْتَ ، وَالرَّجُلُ يُوقِدُهَا فَتِلْكَ النَّارُ ، وَذَلِكَ مَالِكٌ خَازِنُ النَّارِ . وَأَمَّا الدَّارُ الأُولَى الَّتِي دَخَلْتَ ، فَدَارُ عَامَّةِ الْمُؤْمِنِينَ . وَأَمَّا هَذِهِ الدَّارُ ، فَدَارُ الشُّهَدَاءِ . وَأَنَا جِبْرِيلُ ، وَهَذَا مِيكَائِيلُ ، ثُمَّ قَالا : ارْفَعْ رَأْسَكَ . فَرَفَعْتُ رَأْسِي ، فَإذَا فَوْقِي مِثْلُ السَّحَابِ ، قَالا : ذَاكَ مَنْزِلُكَ . فَقُلْتُ دَعَانِي فَلآتِي مَنْزِلِي . فَقَالا : إِنَّهُ قَدْ بَقِيَ لَكَ عَمَلٌ لَمْ تَسْتَكْمِلْهُ بَعْدُ ، فَلَوْ قَدِ اسْتَكْمَلْتَهُ أَتَيْتَ مَنْزِلَكَ « . هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ . أَخْرَجَهُ مُحَمَّدٌ ، عَنْ مُوسَى بْنِ إِسْمَاعِيلَ . وَالْكُلُّوبُ : هُوَ الْكُلابُ ، وَالْجَمْعُ كَلالِيبُ ، وَيُرْوَى « فَيُشَرْشِرُ شِدْقَهُ « ، وَمَعْنَاهُ : يَشُقُّهُ ، وَيَقْطَعُهُ . تَدَهْدَهَ ، وَيُرْوَى يَتَدَهْدَى ، أَيْ : يَتَدَحْرَجُ ، وَدهده وَدَهَى أَيْ : دَحْرَجَ . وَقَوْلُهُ : نَارٌ يَحُشُّهَا أَيْ : يُوقِدُهَا!!

كنت اريد أن أستل من الحديث ما يخص الإعلام، فلم أجد بدا من إيراده كاملا، فهو من الأحاديث الجامعة المانعة، وفيه إشارة قوية لما يفعله رجال الإعلام الكذبة، الذين يكذبون الكذبة فتحمل عنهم حتى تبلغ الآفاق، وفي هذا موعظة لي أولا، ولإخوتي في الإعلام وغيره، خاصة في رمضان، شهر العبادة والأوبة للحق!



hilmias@gmail.com