أعداء الفرح يحاولون تلويث صفاء الفحيص والسلط؟!!



من جديد، يحاول خفافيش الأرض تلويث المياه الصافية، فيخرجون في الليل متسللين ومستغلين لحظات الفرح التي غطت سماء مهرجان الفحيص خلال الأيام الماضية، والتي حولت المكان منبرا فكريا وشعريا وغنائيا، وأوجدت فيه نفسا مقاوما يرفض الخنوع والاستسلام، فيصدح مارسيل خليفة، وتحضر رام الله التي تم اختيارها لتكون مدينة المهرجان.
أولئك المأزومون نفسا وفكريا والملوثون عقائديا ودينا خرجوا من جحورهم ليل الجمعة الماضي مستثمرين أجواء المهرجان وما يحتضنه من أعداد هائلة من الناس متنوعي الأهواء والمشارب والأفكار، فزرعوا عبوة تحت عربة أمن أدت لاستشهاد رجل أمن وإصابة آخرين، وانتقلوا للسلط مروعين أهلها ومطلقين النار على رجال الأمن والدرك، فاستشهد منهم 3 وجرح آخرون بين مدني وعسكري.
لا نريد استباق التحقيقات، ولكن من حقنا أن نخاف على بلدنا من أيادٍ حاقدة حاولت استهدافه أكثر من مرة، وفي أحدها استطاع أولئك الخفافيش تحويل أفراح الناس لأتراح، واليوم يتكرر المشهد، بالرؤية الجرمية ذاتها التي حاولت النيل من عمان ومن ثم الكرك وبعدها إربد، واليوم السلط، والهدف من كل ذلك سرقة الفرح من عيون الناس وتوشيح المكان بالسواد.
أولئك يحقدون على أنفسهم وعلى العالم أجمع، ويضعون على عقولهم طنا من الباطون المسلح حتى لا يفكروا إلا بالطريقة التي يريدها أسيادهم، وأولئك أيضا نصبوا أنفسهم وكلاء الرب في الأرض يحاسبون هذا ويكفرون ذاك، وأولئك أيضا عميت قلوبهم التي في صدورهم، قال تعالى: "فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور".
نعم.. إنهم يريدون قتل الفرح، يريدون كسر الناي، وسرقة ريشة الفنان لكي لا يدق عوده، وخنق حنجرة المطرب، وتلويث وحدة الرسام، وتهشيم صورة المبدع والكاتب، وتحريم رؤية الممثل، أولئك يريدون أيضا قتل من يحضر، أولئك يريدون أن نصدقهم أن العالم لم يتطور، ونتعامل وكأن الزمن لم يمر، وكأننا قبل 1400 عام خلت حيث لا سيارة ولا طيارة، لا مدفع ولا مسدس، وحيث لا ماركات عالمية ولا أزياء، ولا شفرات عالية الجودة تمكن الإنسان من حلاقة ذقنه كل يوم إن شاء، ولا صالونات حلاقة يمكن من خلالها تهذيب اللحية والشارب لمن شاء.
أولئك بكل بساطة يريدون خلق فتنة لأنهم يرفضون أن يعيش الإنسان مع أخيه الإنسان، يرفضون السلام، ويرفضون أن يقتنعوا أن الرسول الأكرم قال يوما في حديث حققه ابن ماجة "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق"، أولئك يريدون زرع فتنة وقتل الوداعة والنيل من صورة المكان بما يحويه من أثر وتأثير وفكر مقاوم يحضر فيه كل عام، فكر يجمع الفرح مع عنفوان المقاومة التي يعبر عنها سنويا أحد أولئك المطربين الذين غنوا لفلسطين وللمقاومة ولكل ما هو إنساني.
أولئك الذين يدخلون الجحور ويخرجون منها في الليل لتنفيذ مخططاتهم أجروا عقولهم لمن لا يريد لهذا الوطن خيرا، ولمن يسعى لخلق فتنة واضطراب، أولئك يعتقدون أن الفكر الإنساني كخيط العنكبوت يمكن أن يتهاوى عند أي منعطف، ولكنهم لا يعرفون أن الفكر الإنساني والحضاري أقوى من أي فكر آخر لأنه يؤمن بالإنسان وحقه في الحياة ولا ينبذ الإنسان تبعا للونه ودينه ومنطقته وبلده وجنسه.
أولئك لم يسمعوا أبدا ما قاله رسول الله في رواية أنس بن مالك؛ حيث قال: "مَا خَطَبَنَا نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلا قَالَ: لا إِيمَانَ لِمَنْ لا أَمَانَةَ لَهُ وَلا دِينَ لِمَنْ لا عَهْدَ لَهُ"، نعم لا دين لمن لا عهد له، فهل أولئك القتلة يعون ويفهمون ذلك.