اسلكوا طريقاً.. سنسلك أخرى

لم الآن قويت شوكة الإسلامويين ودخلوا بشعاراتهم إلى الثورات العربية وانتفاضات التغيير؟ لمَ في هذه اللحظة بالذات؟
يبدو أن هذه اللحظة تاريخية بالنسبة لهم، فليسوا هم من أشعل الفتيل، ولا من تلقوا بصدورهم رصاص بن علي أو حبيب العادلي، وليسوا هم الذين يؤخذ أطفالهم ليُقتلوا ويُمثَّل بجثثهم. هم في بيوتهم ومراكزهم وتجارتهم وقلاعهم المنيعة، ومع ذلك فقد ناداهم داعي الانتهازية فرفعوا الشعارات على أنهم أصحابُ الثورة، ودعاة الإصلاح!! وهذا بالذات ما ينبغي أن يكون واضحاً لنا جميعاً: تأخروا عن إعلان العصيان، بعد أن أخذوا وقتهم في روز عود الثورات والانتفاضات وحركات الإصلاح، والتأكد من أن قطيعةً مع ماضي النظام قد أحدثها الشعب، فها هم بجيوش يافطاتهم يريدونها إسلامية، وأن الإسلام هو الحل، وأن مهرجان جرش هتك للأخلاق، وأن حربهم أولاً ضد النوادي الليلية، وضد المرأة، وضد الاختلافِ، وضد الآخر كائناً من كان!!!
لمَ قعدوا في بيوتهم وحواكير تنظيمهم بينما شباب الناس العاديين يرفعون صوت الإصلاح؟ ولِمَ بعد أن استقرَّت الممارسة على الاحتجاج الأسبوعي يدخلون بعجيجهم، وغبار خيلهم الكاذبة، وبطولاتهم الدونكيشوتية، على المشهد السلمي الراقي؟
ولمَ عندنا في الأردن انخرطوا في مظاهرات الجمعة، واستغلوا وجود الشباب الثائر على الفساد، وأخذوا "يستعملونه" كذراع احتجاجٍ جاهزة؟ لأن الحركات التي تتخذ من الإسلام غطاءً، لإخفاء شهوة الحكم، من طالبان في أقاصي أفغانستان إلى أصغر فرخٍ من الإخوان المسلمين، هي حركات لا تريد سوى أن تحكم وتحكم وتحكم. أي بعبارة أخرى، إن شعاراتها التي تتمسَّح بالإسلام، تستعمل الإسلام كجزرة تغري بها الناس العاديين، من أصحاب الطموح بحياةٍ كريمة، ومن أهل التدين البسيط والشريف والعفوي، مخفيةً نواياها في إحكام القبضة على مال الأمة ومقاديرها لتدخل أقذر لعبة اسمها السياسة.وإلا لمَ من جهة أخرى، وعلى صعيدٍ آخر، تقصد وفودُ أصحاب لحاهم ودشاديشهم القصيرة البيوتَ تدعو الرجال فيها إلى حضور درس الدين بعد العشاء؟ ففي يدٍ يحمل قيادي في الحركة الإسلامية تهديداً بتعكير أمن النظام يوم الجمعة، اليد نفسها التي طالما امتدت إلى النظام وصافحته واستفادت من أعطياته!! وفي اليد الأخرى تتجه إلى إعداد كوادرهم من المؤمنين الأبرياء للانتفاضات والثورات. أنا شخصياً أقول، مثل ملايين غيري،: والله إن سلكتم طريقاً، فسأسلك أخرى، فلا أتبع من استعمل ديني ممسحةً لغُلوِّه وشهواته في الحكم، ولا من غرَّر بالشباب مصوراً لهم القتل والتدمير إجازة لدخول الجنة! ولا من إذا بلغ الحكم سيضطهدني كامرأة، كما سيضطهد المختلف والآخر، وسيفرض علينا رؤية واحدةً كالبغل على عينيه الغطاء فلا يرى إلا ما يقوده إليه صاحبه!!  ومع ذلك دعونا لا نفقد الأمل......