هيبة الدولة ورموزها



التطاول على هيبة الدولة واحد من العناوين الكبيرة التي شغلت الناس طوال اكثر من اسبوع مضى، وذلك اثر الاعتداء على شرطي سير من مواطنين اثناء تأديته لعمله، والحادث أثار مشاعر الناس وكل منهم ادلى بدلوه وبطريقته استنكر او شجب، وبطبيعة الحال كان التعاطف مع الشرطي على خير ما يكون وطلب الناس منه عدم التنازل عن حقه بعطوة وفنجان قهوة، ووالده صرح انه تعرض لضغوط للتنازل ولن يفعل.
المهم في قصة الاعتداء ان ينال المعتدي ما يستحق من عقوبة حسب القانون، وتوصيف الجريمة كما هي عليه وليس الذهاب ابعد من ذلك، وزيارة رئيس الوزراء او المسؤولين لشرطي السير في المستشفى لا تحدد الوصف إن هو تطاول على هيبة الدولة او انه اعتداء على موظف عام اثناء قيامه بعمله.
المهم ايضا، بعد الحادث صرح رئيس الوزراء انه سيتم الضرب بيد من حديد على كل من يحاول التطاول على هيبة الدولة، وهذا امر حسن، وعليه ان يبدأ ولكن ان يعرف اولا من هم الذين تطاولوا ويتطاولون على هيبة الدولة.
لقد مست هيبة الدولة مرارا وتكرارا ولكن ليس من عامة الناس وانما من متربعين على مقدرات الدولة ومناصبها، فالدولة تم التطاول عليها بالفساد والاستحواذ والتعيينات والترقيات والواسطات والمحسوبيات والاستقواء عليها والقفز عن قوانينها، ومن اولئك الذي يحظون بالحماية، وجعلوا سمعة البلد متدنية جراء افعالهم وممارساتهم بالداخل والخارج، وهم الذين شوهوا المناصب ويجلسون في مواقع هي أعلى من امكانياتهم وقدراتهم، ولا ينفكون عن ارتكاب الاخطاء والكوارث المرتدة على سمعة البلد.
وكذلك حماة الفاسدين والذين هربوا بمليارات الدولة، وما زالوا ينعمون بها بأمان دون ان يضربوا حتى بريشة نعام وليس يداً من حديد.
أما الذين يطالبون بالعدالة والمساواة والحرية وحماية مقدرات الدولة وحقوقهم منها بالطرق السلمية ليسوا هم الذين يتطاولون على هيبة الدولة، والذين يطالبون بمحاسبة الفاسدين واستعادة الاموال المنهوبة لا يتطاولون على هيبة الدولة والذين يريدون تطبيق الدستور في كل شيء مثلهم ايضا وبطبيعة الحال ليس كل من تولى منصبا يكون من رموز الدولة.