اكرر ابتداء انني ضد احتكار السلطة سواء من قبل زعيم او حزب او مجموعة وضد تغول الامن على الحياة السياسية والمدنية, وان هذا الشكل من الحكم صار وراءنا طالت ايامه ام قصرت, وان من حق الناس ان يعبروا عن رفضهم لهذا الشكل وان ينالوا كل التضامن معهم ضد كل هراوة او رصاصة تطلق عليهم سواء كانت حية ام مطاطية.
ويستدعي ذلك في الوقت نفسه موقفا واضحا قاطعا ضد الامريكان والعواصم الاستعمارية الاخرى. وموقفا اكثر وضوحا وصرامة من العدو الصهيوني ومن الطائفية والمذهبية والاقليمية بكل اشكالها وكذلك النفط السياسي, فلا يحق لشخص يمد يده للامريكان والصهاينة وجماعة النفط السياسي وللطائفيين والاقليميين ان يتحدث بكلمة واحدة عن الديمقراطية, ويضاف لذلك في الشأن السوري الانتباه الى ان الصراع في سورية انما هو صراع عليها, وان الاطراف الدولية والاقليمية التي تحاول توظيف الحراك الشعبي السلمي المشروع ليست معنية بالديمقراطية ولا باسقاط النظام بل باسقاط الدولة وتعميم الفوضى الطائفية من اجل تقاسم الشرق العربي واخراج العرب من التاريخ وطي صفحة المقاومة التي هزت اسطورة العدو الذي لا يقهر.. هذه هي بوصلة الموقف من سورية: من جهة رفض احتكار السلطة والزعيم الاوحد ووضع سورية على طريق التعددية والديمقراطية, ومن جهة الاعتراف بوجود مؤامرة امريكية صهيونية تتذرع بالتعاطف مع المطالب الشعبية لتحطيم الدولة السورية بكاملها.
هذا عن تقدير الموقف السياسي اما ما تشهده سورية فيمكن تلخيصه بما يلي:
1- حراك شعبي مشروع تارة من اجل الديمقراطية والحرية وتارة ردا على سياسات زراعية في الارياف السورية (التي تشهد الحراك الاقوى) سببها ضغط قوى اليمين والليبرالية للتراجع عن مشروع الاصلاح الزراعي الذي بدأه عبدالناصر ايام الوحدة.
2- الجماعات التي تعيش على التهريب في المناطق الحدودية والتي تم اختراقها من قبل عصابات عكار او جماعات الاحتلال الامريكي في مناطق الجزيرة والبو كمال. وكذلك جماعات كردية في الجزيرة مرتبطة بالاحزاب الكبرى في كردستان العراق.
3- طيف واسع من النشطاء والقوى السياسية يتراوح بين ديمقراطيين حقيقيين في الوسط الثقافي والمدني والسياسي, وبين ليبراليين مرتبطين بالسفارات ومراكز التمويل الاجنبي المشبوهة, وبين جماعات اسلامية بعضها سلمي وبعضها عسكري
4- اضافة لحوادث واحتجاجات حقيقية في اكثر من منطقة وتكبير جماعي في منتصف الليل اليكم ما رأيته بام عيني خلال اربع مرات ذهبت فيها الى سورية او مررت منها الى لبنان.
- في زيارة او جاهة عائلية الى عائلة الاتاسي في حمص لم نشاهد دبابة واحدة على الطريق فيما كانت فضائيات معروفة تتحدث عن تطويق المدينة بالدبابات. ولا يعني ذلك نفيا لرأيه احتجاجات او مدرعات في ظروف اخرى.
- في زيارة ثانية لصديق (شيوعي) كردي عند جسر النحاس في ركن الدين في دمشق لم اجد شرطيا واحدا فيما كانت الفضائيات تتحدث عن معارك بالسلاح في الحي المذكور وذلك لا يعني ان هذا الحي قد لا يشهد اية احتجاجات ايضا.
- في الطريق من الحدود الاردنية الى دمشق الى الحدود اللبنانية لا يصادف المرء سوى دورية عسكرية تدقق بالجوازات لدقائق قليلة ولا اعرف بالتأكيد ما بعد هذا الطريق.
- دمشق في الليل كما في النهار مدينة مكتظة بالحركة والاسواق والمطاعم والحدائق والمكتبات وضفاف بردى التي عادت اليها الحياة في الربوة ودمر.