شارع الصحافة.. تغييرات هل تعني شيئا للقراء ?
وسائل الاعلام امام فرصة تاريخية لتعزيز دورها والارتقاء بمكانتها .
شهد شارع الصحافة مؤخرا تغييرات طالت ملكية وادارة تحرير ثلاث صحف يومية, وقوع التغييرات في اوقات متزامنة دفع بعض المحللين الى الاعتقاد انها ضمن مخطط مرسوم لاحتواء وسائل الاعلام. خاصة انها ترافقت مع طرح الحكومة مشروع قانون معدل لقانون المطبوعات والنشر يهدف الى اخضاع المواقع الالكترونية "الراغبة" لاحكام القانون.
التغييرات بدأت بالزميلة الدستور التي شكلت هيئة مؤقتة لادارتها في مرحلة انتقالية بعد تعديل شكل مساهمة الضمان الاجتماعي فيها ويأمل الوسط الصحافي ان يساهم التغيير في تعزيز مكانة الصحيفة الاقدم في الاردن لتواصل رسالتها.
الزميلة الرأي وبعد اسابيع طوال من الاخذ والرد حصل التغيير الذي طال منصبي رئيس مجلس الادارة وتولاه الزميل سمير الحياري ابن الرأي المخضرم ومنصب رئيس التحرير وتسلمه الزميل سميح المعايطة. وتترقب الاوساط الاعلامية لمسات الزميلين على صفحات الرأي وهو ما بدأنا نلحظه منذ يومين.
نأتي الى "العرب اليوم" فهي الاخرى كانت في عين العاصفة لاسابيع عديدة مضت تكابد للصمود والبقاء وقد تمكنت من النجاة اخيرا بعد صفقة انتقلت بموجبها ملكية الصحيفة من الدكتور رجائي المعشر الى رجل الاعمال الياس جريسات. المعشر " حمل " العرب اليوم لاكثر من عشر سنوات ظل خلالها وفيا لوعده باحترام استقلالية التحرير عن رأس المال, وقدم في هذا المجال نموذجا غير مسبوق نأمل ان يقتدي به الاخرون بمن فيهم الحكومات التي تملك اسهما في الصحف وتدير وسائل اعلام رسمية. المالك الجديد لـ "العرب اليوم" اكد التزامه بالاسس التي نهضت عليها الصحيفة والتزامه باستقلال ادارة التحرير وليقطع الشك باليقين اختار الاستاذ طاهر العدوان لمنصب رئيس هيئة المديرين في خطوة يؤكد فيها ايمانه بنهج "العرب اليوم" كصحيفة مستقلة ملتزمة بالمهنية والقانون. ومن موقعي كرئيس للتحرير اشعر اليوم بأن "العرب اليوم" تجاوزت الازمة وتستعد لانطلاقة طموحة بادارة جديدة تحمل رؤية للتطوير والتحديث وقبل ذلك وهذا ما يهم القراء ملتزمة بخطها المعهود.
يعتقد ان حفلة التغييرات في الاعلام الاردني لم تنته بعد, وانها ستطال مؤسسات صحفية اخرى, ايا يكن فان ما يجري في شارع الصحافة وما يدور في الكواليس حول المواقع الالكترونية ودورها جذب اهتمام قطاعات واسعة في المجتمع والدولة وفي ذلك مؤشر على التأثير الكبير لوسائل الاعلام في حياة الناس, وقد تعاظم هذا الدور مع التحولات الثورية التي يشهدها العالم العربي, والتي لعب الاعلام فيها دورا حاسما.
التفاصيل المتعلقة بالتغييرات الادارية في الصحف لا تعني المواطنين كثيرا ما يهم الاثر الذي تتركه هذه التغييرات على صفحات الصحف وما فيها من مضمون.
المسؤولية الملقاة على وسائل الاعلام كبيرة في هذه المرحلة واعتقد ان الربيع العربي منحنا فرصة تاريخية للانتقال بالاعلام الاردني الى المكان الذي يليق به وبالمواطن الاردني وبالدولة الاردنية. الحكم على التغييرات سيكون بمقدار الفرق الذي تحدثه في رفع سقف الحرية مع الالتزام بالمعايير المهنية لهذه المهنة المقدسة, وفي قدرة وسائل اعلام على كسب ثقة القراء وتعزيز مصداقيتها, والتأثير في صناعة القرار بما يخدم المصلحة الوطنية. بخلاف ذلك فإنها مجرد لعبة كراسي على غرار تغيير الحكومات في بلادنا لا تعني الناس في شيء.