هل يعود "كُرد سوريا".. الى حضنِ وطَنِهم؟

رغم الغموض...(يُمكِن اعتباره "بنّاءً"حتى الآن)، الذي رافق وصول وفد مجلس سوريا الديمقراطية (مَسد) الذراع السياسية لقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، والمحادثات او الحوار (وليس المفاوضات) الذي أجراه الوفد بقيادة إلهام أحمد الرئيسة التنفيذية للمجلس مع الحكومة السورية، فإن مجرّد وصول الوفد لدمشق مسبوقاً بتصريحات"تصالُحية" ذات منحى ايجابِي، وإن لم يتم التخلِّي بعد عن خطاب وقراءات تكتيكية مقصودة، للظهور بمظهر من لا يتراجَع عن رؤاه وخطابه"السابِق"، الذي وصل ذروته ذات مرحلة خطيرة من الأزمة السورية، بإعلان قيام"فيدرالية روج آفا" مترافقاً بحملة عسكرية مدعومة بتحالف مُعلَن مع قوات الاحتلال الاميركي، التي راهن عليها كُرد سوريا خصوصاً بعد معركة عين عرب (كوباني)، وباتت واشنطن اوباما ترى فيهم الورقة الرابحة والمطلوبة لإنجاح شروعهم بتقسيم سوريا، بعد ان يتسنّى لهم (والأتراك وبعض العرب) إسقاط دولتها وبناء نظام اقليمي جديد في المنطقة العربية، تكون فيه اسرائيل القائدة والحليفة. نقول: رغم ذلك، فإن بدء حوار كهذا، يؤشِّر ضمن أمور اخرى، الى ان كرد سوريا بأذرعتهم العسكرية والحزبية وما تبقّى من تحالفاتهم في منطقتي شرق الفرات وشمال سوريا، ربما بدأوا يستوعِبون المتغيرات المتلاحِقة التي طرأت على المشهد السوري، وبخاصة في الميادين العسكرية والهزائم النكراء التي لحقت بالتنظيمات الارهابية، وخصوصاً ارتداداتها على العواصم الاقليمية التي دعمت هؤلاء الارهابيين وأمدّتهم بكل ما توفّرت عليه من اسلحة ومعلومات وعتاد وملاذات آمنة، لإطالة عمر الأزمة السورية واستنزاف موارد الدولة والشعب السوريين. وهو ما شارَكت فيه بفعالية قوات الاحتلالين الاميركي والتركي، اللذين واصلا العمل بلا كلل لتفتيت الجغرافية السورية وتعميق الانقسامات الطائفية والمذهبية، المُفتعَلِ منها او المبالَغِ فيه. وبالطبع كان كرد سوريا جزءاً من هذه المساعي الخبيثة بطريقة او اخرى، لكنهم في النهاية ادركوا وبعد ان شاهدوا بأم اعينهم مدى خذلان اميركا لهم ولأشقائِهم الكرد في العراق، ووحشية الإجراءات القمعية التركية التي رافقت غزوتي"درع الفرات"و"غصن الزيتون"، وبالطبع ما تم على ارض الواقع من تتريك للقرى والبلدات والمدن التي احتلها الغزاة الاتراك، وكانت آخرها مدينة عفرين. هل قلنا عفرين؟ نعم..حيث الغلطة الأكبر التي ارتكبها كرد سوريا،عندما رفضوا الاقتراح الروسي بتسليمها للجيش السوري للحؤول دون سقوطها (المؤكّد) في يد القوات الغازية. إلاّ انهم كابَروا واستكّبروا ظناً منهم ان حليفهم الامركي"لن" يسمح بهزيمة كهذه، لكنهم كانوا على أعلى درجات الوهم والسذاجة السياسية، وعدم إدراك حقيقة الخداع الاميركي الذي لم يرَ فيهم (وفي غيرِهم) سوى أدوات لتحقيق مصالحه، ولا قيمة عنده للمبادئ والعهود. ما علينا.. يتحدث كرد سوريا في خطابهم"الجديد"الذي تبنّوه بعد المؤتمر الثالث الذي عقده اخيرا مجلس"مسد"في مدينة الطبقة، عن رؤية مُختلِفة عن تلك التي تمسّكوا بها في ذروة نشوتهم العسكرية التي اعقبت سيطرتهم على مناطق شاسعة في شرق الفرات وشمال سوريا، بعد الضربة الموجِعة على يد الغزاة الاتراك. وإن كانت سيطرتهم على حقول النفط والغاز في حقلي العُمَر وكونيكو مشبوهَة وباعِثة على القلق. وبخاصة انها جاءت ضمن صفقة بين الاميركيين وتنظيم داعش، الذي ما يزال ينشط في تلك المنطقة برعاية الأميركيين ودعمهم. في السطر الاخير، ما رافق ويرافق الحوار بين قادة مجلس سوريا الديمقراطية والحكومة السورية، يشي بأن كرد سوريا قد توصّلوا لقناعات بأن حضن الوطن السورية يتّسِع للجميع، وان السوريين وحدهم هم القادرون على تجنيب بلدهم وشعبهم المزيد من الخسائر والانهيارات. وان الاميركيين لايُمكن الرهان عليهم او الاطمئنان لوعودِهم. وكان لافتاً ما قاله رئيس مجلس سوريا الديمقراطية المشارك..رياض درار في حديثه لاحدى الصحف اللبنانية: بأن "الاميركيين لم يتدخّلوا في قرارِهم الحوار مع الحكومة السورية". بل زعَمِت مصادر مُطّلِعة في وفد"مسد"ان (الاميركيين أبدوا استعدادَهم لسحبِ القوات العسكرية، بمجرد التوصّل الى"تسوية"مع الجانب الحكومي، تكون مقبولة على"مسد") تسوية او اتفاقٍ"يشترِط"صالح مسلم الذي يعيش في الهوامش هذه الأيام، أن يكون بـِ"ضمانات دولِية". فأي. واهِم هذا؟