كبح جماح الإشاعات العصـرية المُغرضة


في وقت الازمات تكثر الشائعات والتي غالباً ما يكون مصدرها الجهات المناوئة والمستفيدة منها لغايات تحقيق أهدافها في العمق الاستراتيجي من خلال الفتن لدس السّم بالدّسم، والحذر واجب في هذا السياق، والمفروض استقاء المعلومة دوماً من مصادرها الرسمية، فدرجة الثقة في المعلومة مهم لغايات الامن الوطني وكبح جماح الشائعات أنّى كانت.
فالطابور الخامس موجود في أي مجتمع بالدنيا ومهمته تضخيم الاشاعة لاستخدامها كمادة له لايجاد بيئة ليعيش فيها ويصبح ذا قيمه إعتبارية، والاشاعة أحياناً تكون لاغتيال شخصية أو إنجازات وطنية أو بطولة، أو تضخيم أو تقزيم لفكرة أو حدث أو مناسبة أو معلومة أو شخص بهدف بعيد أو قريب المنال للجهة المستفيدة وهنالك ضحايا وهنالك جامعو وقانصو فرص فيها.
وهذه الأيام تنتشر الإشاعات الكاذبة عبر التواصل الإجتماعي والدواوين وغيرها، مع الأسف، لدرجة فبركة الأخبار واغتيال الشخصيات ولم تعد تستثني أحداً، حتى أنها وصلت رأس الدولة وكينونة الدولة والحكومات وكثير من الشخصيات والمؤسسات الوطنية.
وفي زمن الازمات يستخدم أصحاب الاجندات وأعداء الوطن بعض الاشاعات لاثارة الفتنة والعبث بالوحدة الوطنية أو التضخيم أو الابتزاز أو غيرها، فالحذر واجب من هؤلاء، فالعدو يستخدم الاشاعة كثيراً عن طريق الحرب النفسية للتخويف والترويع مستغلاً كل الوسائل بما فيها وسائل التواصل الاجتماعي لغايات نشر بذور الفتنة وتقسيم النسيج الاجتماعي بأقصى سرعة، وخصوصاً في ضوء الحديث عن صفقة القرن.
أدوات التكنولوجيا الحديث مثل الهاتف الذكي والانترنت ووسائل التواصل الاجتماعي والماسح الضوئي وغيرها جعلت تزوير وإخراج الاوراق بسهولة وفق الطلب والرغبة لغايات ترويجها لاهداف الفتنة أو العبث بالوحدة الوطنية أو غير ذلك.
ومحاربة الاشاعة يكون بتحكيم لغة العقل وبتعظيم لغة التحليل والمقاربة وتماسك الجبهة الداخلية والثقة بأجهزة الدولة والمصادر الرسمية وخصوصاً المنابر الاعلامية والثقافية والدينية والاجتماعية منها، فالانهزاميون وأصحاب الاجندات وخاوو الفكر وغيرهم يشكلون بيئة ومادة إعلامية يعيش فيها ويستخدمها أصحاب الشائعات وخصوصاً أصحاب الأجندات لتنتشر بسرعة كالنار بالهشيم.
كما أن الوحدة الوطنية وتحصين جبهتنا الداخلية والايمان بالله تعالى ثم بثوابت الدولة وقيادتنا الهاشمية الحكيمة ومليكنا المعزز وجيشنا البطل وأجهزتنا الامنية في هذه الظروف كلها صمام أمان لكبح جماح كل الاشاعات.
كما هو مطلوب أن يتم التسريع في البت في قضايا مكافحة الفساد التي ورد فيه أدلّة ملموسة، وبالمقابل مطلوب عدم الإتهام الجزاف والخوض مع الخائضين من على وسائل التواصل الإجتماعي دون أدلّة، فمباركة القيادة السياسية العليا من لدن جلالة الملك للحكومة بمكافحة الفساد يجب أن يعطيها الضوء الأخضر بالبدء بالرؤوس التي أينعت وثبت تورّطها وحان قطافه ا، فالحكومة ورئيسها الذي نثق به أمام المحك والإمتحان وهذا وقته، فلتبادر بالمساءلة ومحاسبة الفاسدين أنّى كانوا، فأجهزتنا الأمنية والرقابية والقضائية قادرة وجهوزيتها عالية على توفير المعلومة والأدلّة وإحضار كل المطلوبين للقضاء لتوجيه التهم والمساءلة وإعطاء العقوبات اللازمة، وما على الحكومة إلا أن تتصرف بإمتلاك الولاية العامة.
لا يجوز أن نبقي وسائل التواصل الإجتماعي تروِّج وتشيع وتخلط الحابل بالنابل لكل القضايا المفصلية وتساهم في إستهداف الوطن وتكون أداة هدم لا بناء، فضرورة إيجاد خلية أزمة إعلامية بات ضرورة ملحة لإعطاء المعلومة الصحيحة في الوقت المناسب ودرء الفرصة على كل عابث أو يحاول المساس بأمن الوطن ولتكون الإستجابة الإعلامية في وقتها.
ومطلوب من الإعلام الرسمي أن يصنع الحدث ويكون إستباقياً لا «مُتفرّجاً»، والوضوح والشفافية هنا هما معياري النجاح، ولا يمكن أن يتم ذلك سوى بإيجاد خلية أزمة إعلامية إستباقية تقوم على إستشراف المستقبل وإعطاء الأخبار بوقتها دون تردد أو تباطوء وتوضّح للناس الأحداث ومجرياتها في وقتها.
فالحذر مطلوب وتوخّي الدقة واجب وإستقاء المعلومة من مصادرها الرسمية أساس درء الاشاعات، وغالباً مصادر الاشاعة مجهولة لكن الجهات المستفيدة منها تراهن على تحقيق أهدافها من خلال بيئة إنتشارها، والمطلوب الانتباه للإشاعات في هذه الظروف وتجنبها وكبح جماحها.