دولة يهودية تؤسس ديمقراطية عنصرية
دولة يهودية تؤسس ديمقراطية عنصرية عقب سنوات من الجدل والنقاش والتداول حول "قانون الدولة القومية اليهودية" منذ تقديمه لأول مرة في عام 2011 ،صادق البرلمان الإسرائيلي أخيرا في 19 يوليو 2018 ،على القانون الذي يُعرِّف إسرائيل كدولة قومية للشعب اليهودي، الأمر الذي يجعل من نظام الفصل العنصري المطبق فعليا حكما قانونيا، ذلك أنه يجسد الركائز الأساسية لنظام الفصل العنصري، الذي يشرعن التمييز كقيمة دستورية قانونية من خلال الالتزام بالتفوق العرقي اليهودي كحجر أساس لمؤسسات الدولة، ولخصت "عدالة، وهي منظمة غير حكومية تعني بحقوق عرب إسرائيل القانون بالقول: إن"هذا القانون محاولة لتكريس التفوق العرقي من خلال الترويج للسياسات العنصرية"، واعتبرته جامعة الدول العربية تأكيدا على"الممارسات العنصرية". لا جدال أن قانون"الدولة القومية اليهودية"يرسخ عقداً اجتماعياً ملتوياً وإقصائياً، لكنه لم يكن مفاجئا فقد جاء بعد سلسلة من عمليات الإقصاء والتمييز حسب مايكل شيفر عمر- مان؛ ففي حين تستمد معظم الدول الديمقراطية شرعيتها للحكم من موافقة مواطنيها، فقد استثنت إسرائيل واحداً من كل خمسة مواطنين إسرائيليين من ذلك العقد. وبالنسبة إلى الواحد من كل خمسة مواطنين إسرائيليين، والذين هم العرب الفلسطينيون، تمت إزالة شرط الموافقة فعلياً من حكمهم، وطالما كان الحكم من دون موافقة هو القاعدة، وليس الاستثناء، بالنسبة لمعظم الفلسطينيين الذين يعيشون في ظل النظام الإسرائيلي على مدى السنوات السبعين الماضية. منذ العام 1948 وحتى العام 1966 ،وضعت إسرائيل مواطنيها العرب تحت نظام عسكري يسيطر بإحكام على كل شيء، من التنقل إلى التعليم إلى السياسة إلى الصحف، وخلال السنوات الإحدى والخمسين التي تلت ذلك، أُجبر ملايين الفلسطينيين من غير المواطنين في الأراضي المحتلة على العيش تحت ديكتاتورية عسكرية غير ديمقراطية. وبالمثل، فإن مئات الآلاف من الفلسطينيين الذين يعيشون في "القدس الموحدة" ليس لهم الحق في التصويت، إذ لم تكن الموافقة أبداً جزءاً من المعادلة بالنسبة للفلسطينيين الذين يعيشون تحت الحكم الإسرائيلي. ولم يتكلف أحد حتى عناء إعطاء الفكرة خدمة كلامية. يرسخ القانون هوية دولة إسرائيل كدولة للشعب اليهودي، ويحولهم إلى موقع السيادة، بينما يستبعد السكان الفلسطينيين من التعريف نفسه للسيادة، حسب المحامي في مركز "عدالة"، فادي خوري، ويصل عدد العرب في إسرائيل إلى نحو 8.1 مليون شخص أي حوالي 20 بالمئة من عدد السكان البالغ تسعة ملايين نسمة، حيث يعد القانون الذي سمي بـ"القانون الأساسي: إسرائيل بوصفها دولة قومية للشعب اليهودي"، تشريعا يُعرف إسرائيل بشكل أساسي بأنها دولة يهودية أولا وأخيرا، ويصف إسرائيل بمحافظاتها (مناطقها الإدارية) الـ 11 بأنها "الوطن القومي للشعب اليهودي" وينص على أن حق تقرير المصير هو حق خاص للشعب اليهودي، كما يؤكد على وضع القدس في القانون الإسرائيلي، الذي يعرف المدينة بأنها "كاملة وموحدة عاصمة لإسرائيل"، كما يشير القانون إلى أن العبرية "لغة الدولة" الأساسية، الأمر الذي يهمش مكانة العربية التي ظلت لعقود طويلة تعد لغة رسمية ثانية إلى جانب العبرية، وفي إحدى عباراته، شدد القانون على أهمية "تنمية المستوطنات اليهودية بوصفها قيمة وطنية". لم يكن القانون الجديد سوى حلقة من سلسلة طويلة من التمييز العنصري والإرهاب، فقد قامت المستعمرة الاستيطانية اليهودية في فلسطين على أسس ابستمولوجية دينية عرقية تفوقية إرهابوية عنيفة، حيث انخرط اليهود بتشكيل عصابات منظمة، مارست كافة أشكال الإرهاب وأصناف القتل والجرائم والتطهير بحق الشعب الفلسطيني، وقد وصم الصهاينة بـ"الإرهابيين"من طرف الإمبراطورية البريطانية الاستعمارية آنذاك، لكن تلك الصورة لن تصمد طويلا، حيث سيتحول وصم"الإرهاب"إلى الفلسطينيين من طرف الإمبراطورية البريطانية ثم الأميركية، فضلا عن المستعمرة الاستيطانية إسرائيل، والتي أصبحت توصف أميركيا وأوروبيا بـ"الديمقراطية"الوحيدة في المنطقة، رغم تأكيداتها على هويتها العنصرية والعرقية دون مواربة تحت مبدأ "يهودية الدولة".