انتحارية الرزاز وسقف التوقعات



الرَزَّاز للزميل "هاشم الخالدي من موقع سرايا": لن أقبل أي وساطة، سيحاسب كل من تجاوز القانون مهما كان، لدي ضوء أخضر من الملك، وانا داخل انتحاري.
هذه العبارات، جاءت بردا وسلاما على الاردنيين، شعروا بصدق الرجل وعزيمته، ركزوا على موضوع انتحاري كصفة صلابة، ولم ينتبهوا كثيرا لقوله "من يتجاوز القانون"، فتلك محددات، سيختنق فيها الرئيس ما لم يخترق التفصيلات ويطوعها لخدمة معرفة المتورطين.
ما فهمه الناس ان الرزاز سيتجاوز موضوع ملف الدخان الى فتح ملفات اخرى، وانه سينظر في التفاصيل، وسيعاقب كل من تعاون وسهل ومرر القضية؛ بمعنى انهم يتوقعون سقوط اسماء محصنة انتظروها من بعيد.
لن يرحب الاردنيون بمحاسبة اسماء مغمورة تشكل قنابل دخان للتغطية على كبار الفاسدين والمتورطين، فما جرى اكثر من قضية جمركية، ودلالته تؤشر بوضوح على تنامي فلسفة "العصابة".
الرزاز، رجل نظيف، لا يشك الاردنيون في ذلك، لكنهم رفعوا سقف توقعاتهم تجاهه، ويا خوفي، انه يرى المسألة بطريقة خاصة مختلفة، فتخيب الظنون والتوقعات.
مصنع الدخان، قضية كبيرة، وراءها حيتان، اختبار حقيقي للرزاز، وكلمة انتحاري التي أراها انفعالا جارى الضجيج العالي في مواقع التواصل الاجتماعي، هذه الكلمة حمّلته عبئا ثقيلا يراقبه الناس عليه ولأجله.
رئيس الوزراء يقولها صراحة إن الملك أعطاه ضوءاً اخضر، هذا جيد، لكن عليه ان يعلم ان الملك اعطى ذلك لكل رؤساء الوزارات السابقين فماذا كانت النتيجة، وكيف وظفوا هذا الضوء.
شرعية الرزاز اليوم في موضوع مكافحة الفساد تستند الى ارادة ورغبة شعبية برؤية فاسدين خلف القضبان، فهل يملك ان يفعل؟ قد يملك العزيمة، فهل يملك الادوات.
الحكومة على المحك، وتوقعات الناس بعد تصريحات الرزاز باتت سيفا مسلطا على رقبته، ومرة اخرى، اذا ما عوملت قضية الدخان على انها مسألة جمركية، فسيخيب الظن بالحكومة، والمنتظر، المأمول، انها قصة حيتان وعصابة لابد من كشفها ومعاقبة المتورطين فيها.