ماذا كان يضير نواب "الإصلاح" لو منحوا الثقة!



ثلاثة لقاءات في أقل من أسبوع جمعت رئيس الحكومة الدكتور عمر الرزاز بجماعة الإخوان المسلمين "غير الشرعية" أو "غير المرخصة" من وجهة النظر الرسمية.
لكنها لقاءات ثلاثة لم تحرك كتلة الإصلاح النيابية قيد أنملة عن مواقفها السابقة، وبدا وكأن الحركة الإسلامية أغلقت الباب الذي فتحه الرزاز مع "الجماعة" التي تعاني من مضايقات لا تعد ولا تحصى إلى حد الاختناق، وعلى حد تعبير قيادي في الجماعة "إحنا ماكلين هوا".
اللقاء الأول جمع قيادات من الجماعة مع ثلاثة وزراء من الحكومة في عشاء بمنزل المراقب العام للجماعة عبدالحميد الذنيبات.
وفي تصريح مقتضب بعد اللقاء أكد الناطق الإعلامي لـ"الجماعة" معاذ الخوالدة أن اللقاء تم فعلا، وأنه جاء بطلب من وزراء في الحكومة سعيا للتواصل مع مختلف القوى السياسية ومنها "الإخوان المسلمين".
فيما قال أمين سر الجماعة إن اللقاء جاء في "سياقه الطبيعي"، و"ضمن مجموعة من اللقاءات التي تجريها الحكومة مع مكونات المجتمع الأردني، والتي تعد الحركة الإسلامية جزءا أصيلا منه".
اللقاء الثاني جاء بعد جلسة النواب الصباحية، الاثنين الماضي، حين التقى الرزاز بنفسه بكتلة "الاصلاح النيابية"، ومما رشح من اللقاء على لسان أعضاء الكتلة، فقد نفى الرزاز أن يكون "علمانيا"، وبأنه يدرس فعلا إجراء تعديل وزاري بناء على ما سمعه من ردود فعل حول تشكيل الحكومة، وكان أعضاء "كتلة الإصلاح" وجهوا انتقادات لاذعة لعدد من وزراء الرزاز.
وأكد الرزاز خلال اللقاء أنه رئيس وزراء للجميع، في رسالة تطمين لـ"الكتلة" التي انتقد أعضاء منها الحكومة بخلو بيانها الوزاري من الإشارات الدينية واتهامات نواب بمساع لـ"علمنة الدولة".
ووصف عضو في "كتلة الإصلاح" مداخلة الرئيس بـ"الأخوية" و"الدافئة"، فيما رد رئيس "الكتلة" بـ"كلام طيب" و"ملتزم" ووضح ارتياح "الكتلة" لطرح الرئيس.
اللقاء الثالث كان في عزاء القيادي التاريخي في "الجماعة" الراحل اسحاق الفرحان. ولم يكن نعيا عاديا ما كتبه رئيس الوزراء ثم وزير التربية في حق القيادي الإخواني التاريخي في "الجماعة" الدكتور الفرحان. وقدم الرئيس بنفسه واجب العزاء في الفقيد، وكان طبيعيا ان يقدم الرزاز العزاء للمراقب العام لـ"الجماعة" وعدد من قيادات "الإخوان"، وأن يجلس بجانب المراقب العام.
وكان التعويم هو المتوقع من أعضاء "كتلة الإصلاح" كرسالة تطمين ولفتح مزيد من الثغرات في جدار الفصل الذي أقامته حكومات الرئيس عبدالله النسور والرئيس هاني الملقي، في وجه "الجماعة الشرعية" التي "اختطفت" من أمام أعين مؤسسيها وقادتها وأعضائها ومناصريها لصالح جمعية جديدة لا صلة لها بها، ولا تملك أي حق في وراثة تاريخ وممتلكات "الجماعة الأصلية".
لكن الرياح سارت على عكس المتوقع، فقد حجبت الكتلة الثقة عن الحكومة.
دعونا نتذكر مجلس 1989 حين منح الإخوان المسلمون الثقة لحكومة الرئيس مضر بدران ودخلوا في عضويتها بناء على شروط یلتزم بها الرئیس علنا وأمام المجلس، وعلى ضوء ذلك تعطى الثقة على ضوء قبولها بالشروط والتزامها بها.
وتمت صیاغة أربعة عشر شرطاً، وكان الشرط الأول التوجه نحو تطبیق الشریعة الإسلامیة وبالتدریج في مجالات مثل الإقراض الزراعي والإسكان، واشترط أيضا عودة المفصولين سياسيا لوظائفهم، ومن كافة الفئات والتوجهات، وكان عددهم حوالي ثلاثمئة وخمسین موظفا.
كانت بقیة الشروط للصالح العام ولجمیع الناس، مثل: الإفراج عن جوازات السفر المحجوزة وغيرها.
وعلى ضوء ذلك أعطت "الحركة الإسلامیة" الثقة للحكومة، وهذه المرة الأولى التي تعطي فيها الثقة لأي حكومة، وحتى ولو كانوا فردا، ونتذكر هنا أن النائب المخضرم المرحوم یوسف العظم، رحمه الله، بكى عندما ألزمته الحركة بإعطاء الثقة، وقال: "هذه أول مرة في حیاتي أعطي فيها الثقة لأي حكومة في تاریخ مجلس الأمة".
نأمل أن لا يكون الحجب أو منح الثقة هو ما اتفق عليه مع الرزاز وحكومته، ونأمل أن نرى تنسيقا في بعض المواقف داخل البرلمان، خصوصا في التشريعات والقوانين والمواقف السياسية من قضايا المنطقة، فثمة طرح مختلف تقدمه الحكومة.