الله يكون في عون من لا ظهر له!!!
من ليس له ظَهْر!!!!!
تلك طرفة تُقال عن شخص في المخفر إرتكب خطأ كان عقابه ان يُضرب خمسون ضربة عصى على قدميه(فلقة) فبينما كان يُضرب كان يصيح آخ يا ظهري فاستعجب منه الشرطي وسأله ما بالك يا رجُل تُضرب على قدميك وتصيح آخ يا ظهري فأجاب الرجل لو كان لي ظهر وسند في البلد لما ضربتني .
والظهر المعني في هذا السياق هو الشخص أو الجهة التي يُمكن الإعتماد عليها لكي تنال جزءا من حقوقك المدنيّة المسلوبة أو المستحقّة في المجتمع أو الدولة التي تعيش فيها وما دام انك تشعر انه حق فيجب ان تكون مواطنا صالحا تؤدّي ما عليك من واجبات تجاه بلدك ونمائه وعادة تُسلب هذه الحقوق نظرا لإستقواء القوي على الضعيف وتغوّل المسؤول على المواطن وتحوير القانون والتعليمات في التطبيق لصالح الظالم على المظلوم أو بمعنى آخر سيادة شريعة الغاب على الشرائع المدنية والإنسانيّة والدينيّة ولا يعني أن تسلب حقوق الغير بدعم من ذاك السند.
فكما ان الله وضع أسسا ونواظم لهذا الكون فقد لجأت الدول شعوبا وحكومات في غالبيتها إلى وضع أسس ونواظم مدنيّة ضمن دساتير وقوانين تتلائم مع العقائد والقيم الأخلاقية والعادات السائدة في المجتمع والتي من خلالها يُحاسب الفرد على عطائه واخطائه ولتكون نبراسا له للقيام بواجباته والحصول على حقوقه التي تخوّل له أسباب الرقي والتطور في حياته كما تُساهم في بناء المنظومة الإجتماعية والإداريّة التي تعمل على تطوّر الوطن ونمائه وتحقيق تنميته المستدامة .
وحيث أنّ الادارة الصحيحة المبنيّة على الكفاءة(العلميّة والعمليّة والأخلاقيّة) والشفافيّة والعدالة والمساواة هي الاساس في بناء مجتمع سليم في دولة متوازنة الموارد والإستهلاك ضمن أسلوب الحوكمة الرشيدة وذلك مما يُشيع الأمان والإستقرار في البلد .
ولكننا لسنا في المدينة الفاضلة ولا حتّى ملتزمين بالعقائد بالكامل وليس لدينا الوازع الديني والأخلاقي للقناعة بحقّ الغير في التملك والتعيين لذلك اختلفت المعايير في التعامل وتم الإقتناع بمبررات وهميّة لسلب حقوق الغير وأكل حقوقهم وخاصّة لمن ليس لهم سند في الدولة أو من كبار المتنفّذين في البلد وهنا تسقط حقوق العباد وأولويّاتهم في التعليم والتعيين وغيرها من حقوق .
وهنا طفى على السطح مجموعة من المتطفّلين في هذا المجتمع بمساعدة أشخاص لهم سمعة وقوّة ومدعومين من جهات أمنيّة أوحكوميّة أو غيرها من جهات ما . وأصبحوا هم الأحق بالتعليم الجامعي والتداوي ومواكب الحجيج ومناقصات المقاولين والدرجات العليا في التعيين وشواغر التوظيف وكأن بقية المواطنين ليس لهم حقوق بالرغم من قيامهم بإداء واجباتهم تجاه وطنهم ومواطنيهم .
إنّ هذا التمييز في التعامل والتصنيف في الاولويات لم يعد يفيد في ظلّ ثورات الربيع العربي فبعد أن تجرّدت نفسية المواطن العربي من الخوف وخاصّة من الحاكم والسلطة والأجهزة الامنيّة بل انعكس هذا الخوف ليملىئ قلوب الموظفين والحكّام حتّى باتوا لا يستطيعون إتخاذ قرار بجرأة أو قناعة وبالسرعة المطلوبة بحجّة أنّ الشعب يراقب كل شيئ .ولكن الشعوب العربيّة هل إستطاعت إنتزاع حقوقها بالكامل؟؟؟؟
على أرض الواقع نستطيع القول إنّ ذلك لم يحدث حتّى الآن والسبب أنّ المواطن ما زال بحاجة إلى ظهر يستند إليه وهذا الظهر يكون على شكل فاسد له شأن أو قريب متنفّذ أو جهاز أمني يتولاه برعايته وما زالت الكفاءة العلميّة والعمليّة والأخلاقيّة تلعب دورا هامشيّا في ردّ الحقوق لأصحابها أو تحقيق العدالة الإجتماعيّة بين المواطنين العرب في اوطانهم
وهكذا هي ثقافتنا التي ورثناها حتّى في الأسرة الواحدة قد يكون هناك تمييز بين الأبناء في التعامل فقد ترى الإبن الهادئ المؤدب لا يأخذ كلّ حقوقه بينما الإبن الأزعر(بالمعنى البلدي) ذو الصوت العالي يحصل على حقوقه وحقوق إخوانه الآخرين وقد يلجأ بعض الحكام العرب إلى إرضاء مناوئيهم أو من يشعرون انهم يستطيعون التشويش عليهم بالمناصب العليا والعطايا ظنّا منهم أنهم يستطيعون إخراسهم وكسب ولائهم وهذا ليس دائما يحدث لأنه عند أوّل منعطف يعودون إلى ما كانوا عليه إن كانوا مخلصين لمبادئهم.
اعود وأقول إنّ المواطن العربي يجب ان يبحث له عن ظهر يستند إليه ويكون معينا له بعد الله خاصّة في شهر الفضائل والبركات شهر رمضان المبارك الذي تُستجاب فيه الدعوات .
فعن البراء بن عازب رضي اللّه عنهما أنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا أتيت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة، ثم اضطجع على شقك الأيمن، ثم قل: اللهم أسلمت وجهي إليك، وفوضت أمري إليك، وألجأت ظهري إليك، رغبة ورهبة إليك، لا ملجأ ولا منجى منك إلا إليك، آمنت بكتابك الّذي أنزلت، وبنبيك الذي أرسلت.
وَما لَنا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ وَقَدْ هَدانا سُبُلَنا وَلَنَصْبِرَنَّ عَلى ما آذَيْتُمُونا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ} [إبراهيم صدق الله العظيم
المهندس احمد محمود سعيد
عمّان – 31/7/2011