البلطجة والرعاية الرسمية
الفرنسيون قلقون مما تعرض، ومما قد يتعرض له مكتب وكالة «فرانس برس» في عمان، ومن المؤكد ان ساركوزي تناول الامر مع الملك في لقائهم الاخير.
طبعا هذه المخاوف الفرنسية، اذا ما اخذت منزوعة عن فهم سياقها ومسبباتها، سيخيّل للسامع الغريب، ان الاردن دولة فاشلة، واننا غير قادرين على حماية الهيئات الغربية لا سيما الاعلامية.
هؤلاء الذين عربدوا واعتدوا اكثر من مرة على الوكالة الفرنسية للانباء، ما كانوا ليفعلوا ذلك الا بعد ان تم تثقيفهم محليا من جهات رسمية امنية على الغالب، بانهم قادرون على اخذ القانون بأيديهم وترهيب الآخر عند اي اختلاف معه.
فلا يعقل ان الجهات الامنية لا تعرف هؤلاء الذين قاموا بالاعتداء على الوكالة الفرنسية، فقد كانوا فيما سبق وكلاء للامن في الاعتداء على المتظاهرين، و»كومبارس» للحكومة في اخراج رواياتها الركيكة عن فض الاعتصامات.
إن صمت الامن والرسميين عما جرى في اخر محاولة اعتداء على الوكالة من قبل نفر يقودهم نائب أمهلوا الحكومة فترة انذار كي تغلق مكتب الفرنسيين الاعلامي، يجعلنا نؤكد ان البلطجة التي ولدت بناء على قرار امني تبدو اليوم متمردة على «دايتها» التي اخرجتها من رحم المهزلة الوطنية.
ظاهرة البلطجة التي استخدمتها الدولة لمواجهة المطالبين بالاصلاح ثم الاعلاميين، تحولت في هذه الاونة الى ما يشبه الانفلات العنيف وفي كل اتجاه.
فها نحن نراها في المظاهرات مبرمجة وعنيفة، ونلمسها كذلك على مواقع التواصل الاجتماعي وفي ردود المقالات مليئة بالكراهية واللفظ الخشن والسم المفرق للوحدة.
البلطجة ليست رأيا آخر، لانها تخالف القانون، وتظن انها صاحبة الولاية في القصاص، والادهى والاكثر مرارة انك تجد من هم مخولون بحفظ الامن من الاجهزة يطنّشون مخالفات هؤلاء بشكل غريب.
وما عليك الا ان تعود «لليوتيوب» المتعلق باعتصام مجموعة تسمى فزعة وطن امام الامن العام، ومجاهرتهم امام مدير الامن انهم قد شكلوا فرق تدخل سريع لضرب المتظاهرين، فأي بلطجة اكبر من هذه وأي سكوت أكبر ذنبا وجريرة.
لسنا بحاجة لبرهان لنثبت ان البلطجية هم من صنيع المظلة الرسمية، لكننا نذكر انهم أساؤوا لسمعة الوطن ولسياحته ان أردتم، وإذا اردت ان تعرف ما في عمان عليك متابعة ما تقوله باريس.