ما المقصود بتغيير النهج؟

طرح رئيس الوزراء الدكتور عمر الرزاز شعار تغيير النهج، لكنه لم يشرح ما إذا كان يقصد النهج الإقتصادي أم السياسي أم كلاهما معا. سأفترض أن الشعار يخص النهج الإقتصادي، فإن كان كذلك فعلى الرئيس الذي لا تنقصه خبرة التمييز بين التعريفات أن يوضح ما إذا كان المقصود هو تغيير الطريقة وليس النهج والفرق بينهما كبير. ليس منتظرا أن يتحول النهج الإقتصادي من الحر الى الإشتراكي مثلا أو المزج بينهما وهو ما فشلت كل المدارس الإقتصادية في التوفيق بينهما أما موضوع إقتصاد السوق الإجتماعي فهو معمول به ومطبق بدرجة كبيرة، تجعل منه إقتصادا إشتراكيا وليس رأسماليا. فهناك نفقات ضخمة في الموازنة تعنى بدعم الفئات الفقيرة ومتدنية الدخل تحت عنوان برنامج الأمان الإجتماعي وحجمه يفوق 850 مليون دينار، منها 140 مليون دينار للخبز و135 مليون للكهرباء و240 مليون للمياه، و44 مليون للغاز المنزلي، و100 مليون دينار للمعونة الوطنية و72 مليون دينار للجامعات و126 مليون دينار للمعالجات الطبية. والحكومة تنفق 40 %إلى 44 %من الناتج المحلي الإجمالي وهي نسبة كبيرة وهي تدير وتسيطر على أكبر الشركات المساهمة العامة بقيمة تتجاوز ملياري دينار وتشغل أكثر من 200 ألف موظف برواتب حجمها يناهز 4 مليارات دينار. شواهد النهج الإشتراكي في الأردن كثيرة بينما تتركز نواحي إقتصاد السوق في اتفاقيات التجارة الحرة والضرائب وتحرير التجارة وحرية نقل الأموال بحدود ومساهمات الأجانب في القطاعات الإقتصادية ومنها البنوك والحكومة هي التي تضع الخطط وفي جعبتها أربع خطط وضعت خلال خمس سنوات فقط وهي تقود وتنفذ برنامج تحفيز للنمو الاقتصادي وبرنامج للإصلاح الاقتصادي. المهمات التي تتصدى لها الحكومة تحتاج الى المال وهو غير متوفر بينما يفترض بها أن تركز على خفض العجز في الموازنة، وضبط المديونية التي تتصاعد بدون توقف، وتوفير بيئة يتولى فيها القطاع الخاص قيادة النمو والحد من البطالة المرتفعة. إذا كان القصد بتغيير النهج هو تعميق إقتصاد السوق وتخلى الحكومة عن إشتراكيتها لحساب القطاع الخاص فهو إتجاه محمود يحتاج لأن يدعم بمنظومة متوازنة من الضرائب والحوافز أما إن كان سيتجه بالإقتصاد الأردني نحو مزيد من الهيمنة الحكومية لصالح الدعم والرعوية فهو خطوة الى الوراء. تغيير أسلوب إدارة الإقتصاد هو المطلوب وليس تغيير النهج، والأخير لا يزال قاصرا.