إشكالية الليبراليين والمحافظين في الأردن



تحدث الى الآن ما يقارب نصف النواب تعقيبا على البيان الوزاري واعلن سبعة منهم حجب الثقة، لم تنته المداولات او الخطابات، وفي نهاية كل جولة تتجدد النقاشات حول ماهية العقد الاجتماعي الذي تحول الى موضوع للتسلية لعدد من المثقفين والكتاب والنواب؛ اما لإشغال الوقت او للبحث عن مضامين كبيرة تعمق نقاشاتهم وتملأ المساحات على الورق، او انها محاولة لاقتناص الفرص واشباع شهوة سياسية مفقودة.
رئيس الوزراء بدوره نفى انه علماني تارة، واخرى انكر فيها انه ليبرالي، علما بأنها مفردات لا زالت غامضة في الاردن، وتمثل رؤى سطحية الى حد كبير تأخذ طابعا إشكالياً؛ اذ لا يعول على وجود تيار علماني او ليبرالي في الاردن، كما لا يمكن تحديد معالم واضحة لمفهوم المحافظين في نفس الوقت؛ فالكثير من المنتمين للتيار المحافظ باتوا من كبار الرأسماليين في البلاد، وتطورت علاقاتهم مع الجهاز البيروقراطي وفقا لهذا التطور الاقتصادي الحاصل لدى كثير من قادة التيار المحافظ.
خطوط التماس لا تبدو واضحة في الاردن، في حين تظهر كتلة الاصلاح النيابية الاكثر وضوحا في ثوابتها وهويتها السياسية والفكرية والاقتصادية، وتتحرك في لُجة سائلة بحثا عن مشتركات تدفع نحو تحقيق مزيد من الاصلاح والتطوير، سواء على الصعيد الاقتصادي ام السياسي ام الاجتماعي دون جدوى تذكر في كثير من الاحيان.
النقاشات تحت قبة البرلمان تحتاج الى قراءة معمقة لتحديد خطوط التماس الحقيقية وموازين القوى والتناقضات المرتبطة بها؛ اذ تحوي الكثير من المفارقات التي يصعب تتبعها، عاكسة هواجس ومخاوف يعبر عنها احيانا بعناوين كبيرة كالعقد الاجتماعي تارة، او بالحديث عن الليبراليين والمحافظين كطرفي معادلة تارة اخرى هروبا من حقائق يصعب التعامل معها في كثير من الاحيان.
شراء الوقت معادلة أتقنها الاردنيون بكافة اطيافهم ومكوناتهم، ولكن السؤال: هل بقي وقت ليتم شراؤه في المرحلة الحالية في ظل الازمة الاقتصادية الخانقة والمديونية العالية والبطالة الكبيرة؟ وهل بقي وقت ليشترى في ظل الازمات الاقليمية المتفجرة والمشاريع المتصارعة في المنطقة؟
الامر لا يتعلق بالليبراليين الذين يمثلون ظاهرة مجهرية، ولا بالمحافظين الذين تحولوا الى كبار الرأسماليين في البلاد، بل بمجتمع يبحث عن حلول لأزمته الاقتصادية والاجتماعية، يبحث عن بر أمن يرسو اليه اذا اشتدت العواصف في الاقليم من حولنا.