الإخوان».. ما هو غير جائز!

                        
منذ الآن يجب أن يكون واضحاً أنه لا يمكن الترخيص لحزب باسم ديني فالإسلام للجميع وليس لفئة معنية ولا لحزب من الأحزاب يستغل هذا الاسم ليصل إلى عقول البسطاء وأفئدتهم ومشكلتنا في هذا العصر أن البعض حوَّل هذا الدين العظيم إلى راية سياسية ارتكب باسمها وتحت رايتها أبشع أشكال العنف والإرهاب كما فعل أسامة بن لادن والظواهري وفعلت طالبان والقاعدة.

لا يجوز أن يكون هناك مسمىً دينياً لأي حزب سياسي يناور ويداور ويسعى لاستغلال هذا الاسم لاستدراج عواطف الناس ويحرم منها الآخرين ولعل ما لا يعرفه البعض ,بينما يعرفه الإخوان المسلمون تمام المعرفة, هو أن الرئيس جمال عبد الناصر عندما كان متحالفاً معهم في بداية ثورة يوليو (تموز) قد رفض الترخيص لهؤلاء لا باسمهم هذا ولا بأي اسم إسلامي آخر وكان رأيه انه لا يجوز ,مادام أن في مصر لوناً دينياً آخر (الأقباط) السماح لـ»الإخوان» ممارسة العمل الإسلامي باسمهم وحرمان المسيحيين أبناء الوطن منذ فجر التاريخ من هذا الحق ما دام أنهم متساوون في الحقوق والواجبات مع أبناء وطنهم.

غير مقنعة الحجة القائلة: مادام أننا بلد إسلامي فإنه يحق لمجموعة سياسية أن تعطي لنفسها الحق باحتكار هذا الدين سياسيَّاً وان تعمل باسمه في السياسة بالطول والعرض فهذا غير جائز على الإطلاق وإلا لكان لإخواننا المسيحيين ,الذين يساهمون في بناء هذا البلد والدفاع عنه والذين هم مواطنون يلتصقون بهذا التراب منذ أن بدأت الرسالات السماوية تهبط على الأرض, الحق في أن يكون لهم حزبهم الذي يحمل اسماً مسيحياً وهذا إن هو حصل فإنه سيُحدث شرخاً في وحدتنا الوطنية التي نعتز بها ونضعها فوق كل شيء.

وهنا فإنه علينا أن نثمن مستوى وعي هذه المسألة من قبل الإخوان المسلمين المصريين بعد تجارب غنية طويلة ومكلفة فهم بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير (كانون الثاني) وانسجاماً مع تطلعاتها نحو ديموقراطية صحيحة وتعددية حقيقية وعلمانية محكومة بهدي الإسلام وتعاليمه قد اختاروا لحزبهم الذي شكلوه أخيراً اسم «حزب العدالة والحرية» وهذا اكسبهم أعداداً يُقال أنها تجاوزت الألف من الأقباط المسيحيين مما يعتبر أهم خطوة لرص الصفوف وإبعاد خطر الفتنة عن الوحدة الوطنية التي اختار لها الوطنيون المصريون في بدايات معركة الاستقلال من الاستعمار البريطاني شعار:»الدين لله والوطن للجميع».

وهذا ما كان فعله الشيخ الجليل راشد الغنوشي رغم أن تونس ليس فيها اللون المسيحي الموجود في الأردن وفي مصر وفي فلسطين وفي سوريا وفي لبنان وأيضاً وفي العراق حيث أعطى لتنظيم الإخوان المسلمين في هذه الدولة التي أقامها «المجاهد الأكبر» الحبيب بورقيبة على أسس علمانية اسم «حزب النهضة» وحيث منع منعاً باتاً ,بعد إطاحة نظام زين العابدين بن علي, ارتقاء أيًّ من أعضاء هذا الحزب وقادته أي منبر من منابر رسول الله خوفاً من استغلاله للترويج السياسي والدعايات الحزبية والمعروف أن «إخوان» المغرب فعلوا الشيء نفسه وكذلك «إخوان» تركيا الذين أظهروا الإسلام بهذه الصورة الجميلة والرائعة.