لماذا تفشل الحكومات في تحقيق أماني الشعب

اخبار البلد 

 
حسب الدستور الاردني الفصل الرابع – الملك وحقوقه- المادة 35 ،يعين الملك رئيس الوزراء ويقيله ويقبل استقالته ويعين الوزراء ويقيلهم ويقبل استقالتهم بناء على تنسيب رئيس الوزراء. وبناء على المادة 43 فان على رئيس الوزراء والوزراء قبل مباشرة عملهم ان يقوموا بتأدية اليمين القانونية امام الملك. ثم بعد ذلك تأتي مرحلة نيل ثقة مجلس النواب المنتخب، فبناء على ما نصت عليه المادة 53 البند 3 من الدستور، فانه يترتب على كل وزارة تؤلف ان تتقدم الى مجلس النواب ببيانها و تطلب الثقة عليه خلال مدة اقصاها ثلاثون يوما، وعلى اثر ذلك ينعقد مجلس النواب ويبدأ في جلساته النقاشية للبيان لفترة قد تطول الى اسبوع، ومن خلال التصويت يمنح او يحجب المجلس الثقة عن الحكومة. وهذا يعني من الناحية
العملية ان رئيس الوزراء يكون حرا في اختيار تشكيلة الوزراء الذين سيساعدونه في ادارة شؤون البلاد وفي الغالب يكون هؤلاء من ضمن دائرة المعارف الاولى له او من الحلقة الثانية من معارفه وهكذا. واما بيان الثقة التي تتقدم به الوزارة المشكلة حديثا لنيل ثقة مجلس النواب، يطلق البعض عليه برنامج عمل الحكومة، او خارطة طريق، والكل يأمل بان نهج الحكومة الجديدة يكون مغايرا عن نهج الحكومة التي سبقتها لتلبية طموحات المواطن الاقتصادية اوالسياسية اوالاجتماعية وعلى راسها الامنية. الا ان التوقعات او الامنيات او الآمال التي تضعها الغالبية العظمى من الناس على الحكومة الجديدة تصطدم بالواقع بعد فترة زمنية وجيزة. ولهذه الحالة اسباب رئيسية عديدة اهمها:- 1 - لايمكن لأي حكومة خلال ثلاثين يوما ان تقوم بتقديم بيان ثقة يشمل برنامج عمل مفصل. ولهذا بيان الثقة التي تتقدم به الحكومة الجديدة ما هو الاتعهدات ووعود عامة ومنها على سبيل المثال محاربة الفساد، تخفيف حدة الفقر والبطالة، محاربة الواسطة والمحسوبية، تحفيز الاقتصاد، رفع كفاءة الجهاز الاداري للحكومة وهكذا. فبيانات الثقة تخلوا من برنامج زمني مرتبط بمدد زمنية محددة لتحقيق اهداف معينة. وبالتالي لايوجد مؤشرات لقياس الاداء ولهذا بعد مرور فترة زمنية تفقد الحكومة الثقة الشعبية لعدم وجود اي برنامج عمل مفصل. 2 - الموازنة العامة للدولة تكون قد اعتمدت، ولهذا تجد الحكومة الجديدة صعوبة في توفير المخصصات المالية التي قد تحتاجها لتحقيق هدف معين، لان الفصل السابع من الدستور –الشؤون المالية –المادة 112 البند 3 يمنع الحكومة من نقل بند نفقات الى اخر الا بقانون، فالموارد المالية غير متوفرة. 3 - ينشغل اعضاء الحكومة الجديدة في المناوشات السياسية في مجلس النواب او تلك الصادرة من الرأي العام والتي تلهيهم عن القيام بأعمالهم الاساسية 4 - يحتاج الوزراء فترة تأقلم بالية عمل وزاراتهم التي قد تمتد الى عدة اشهر قبل ان تكون لهم بصمات في سير اعمال وزاراتهم 5 - المطالب الشعبية في معظمها قد تكون نابعة من حاجة الانسان الشخصية،فمثلامقياس الاداء للحكومة لدى المواطن هو قدرة الحكومة في توفير العمل والزواج والمسكن والسيارة لأبنائه كما نشاهد في استطلاعات الرأي العام وهذه شبه مستحيلة، وحتى انها تتضارب مع الدستور ففي الفصل الثاني-حقوق الأردنيين
وواجباتهم -المادة السادسة -البند الثالث تنص على ان الدولة تكفل العمل والتعليم ضمن حدود إمكانيتها 6 - تركب معظم الاحزاب السياسية وبعض اعضاء مجلس النواب في البلاد، الموجة الشعبية وتبتعد عن تقديم خبراتها اذا وجدت لتكون سندا للحكومة والدولة الاردنية، وتكتفي بالانحيازالتام الى صف المعارضة الدائمة وتعتقد بانها تقوم بدورها الدستوري اتجاه المجتمع 7 - فقدان أي حكومة جديدة الادوات اللازمة لأحداث أي تغير وهي الموارد المالية والعنصر البشري الكفؤ والزمن الكافي, ولذلك تفتقر الحكومات للبرامج التي يمكن الاعتماد عليها والكفيلة في تحقيق الاهداف التي يتطلع لها الشعب. 8-تستند الحكومات الجديدة على تشكيل اللجان لإيجاد الحلول للمعيقات وينتهي عمل هذه اللجان في معظم الحالات عند التغير الوزاري. وقد اجتهد الكثيرون في وضع تصورات لوضع حلول للمشاكل التي يعاني منها المجتمع الاردني, ومنها ان الاسلام هو الحل أي تحويل الدولة الاردنية الى دولة دينية، واخرون ارادوا عقدا اجتماعيا جديدا، والبعض الاخر طالب بتغيير بعض نصوص الدستور على انه الحل الامثل، بل والبعض منهم ما زال يطالب بتقليص الصلاحيات التي منحها الدستور للملك، والاكثرية طالبت الحكومات بممارسة الولاية العامة في ادارة شؤون البلاد. جميع هذه الاجتهادات من الناحية النظرية تدغدغ مشاعر الناس وتشعرهم على ان المشاكل التي يواجهاها المجتمع ستنتهي اذا ما طبق أي منها. والحقيقة الغائبة او التي قد يتجاهلها البعض لحاجة في نفس يعقوب،اننا في الاردن لدينا عقد اجتماعي ثابت منذ ما يزيد على قرن من الزمان، ويقوم على الولاء والحفاظ على العرش الملكي الهاشمي المتحضر، وعلى الحفاظ على استقلال ووحدة اراضي المملكة الاردنية الهاشمية،وعلى القيم الاجتماعية النبيلة التي تربط الشعب الاردني ببعضه البعض وبالآخرين، وهذه كلها معكوسة بالدستور الاردني، وان الدولة الاردنية قامت على المبادئ المدنية الانسانية، وان صلاحيات الملك الممنوحة له ضمن الدستور هي ايضا مكبلة بالقانون، فلايمكن للملك ان يصدر قانونا الابعد مروره بالقنوات التشريعية الدستورية. الحكومات الاردنية قد تكون مطالبة بأكثر من قدرتها في كثير من الاحيان بسبب تطلعات وامال المواطنين وهو حق مشروع، ولكن الحقيقة تبقى تقول ان لدينا موارد لماذا تفشل الحكومات في تحقیق أماني الشعب 
محدودة تحد من تطلعات وامال الشعب، فمتوسط الناتج الاجمالي القومي للأردن لا يتجاوز 6000 دولار في السنة وتقع الاردن في المرتبة 120 من بين 180 دولة في العالم ، ولهذا تعتمد الاردن على المساعدات الخارجية في تنقيد مشاريع تنموية. في ظل هذا الواقع، نحن بحاجة الى بناء استراتيجيات ثابتة للمدى الطويل لرفع كفاءة النظام التشغيلي لمؤسسات الدولة قاطبة، بحيث يتعين على الحكومات ادارة الشؤون العامة للبلاد ضمن تلك الاستراتيجيات والثوابت العامة للدولة. وحيث ان الدستور يعطي صلاحيات واسعة للملك فقد يكون هناك مخرج لوضع تلك الثوابت والاستراتيجيات العامة للحكومة من اجل رفع كفاءتها التشغيلية التي هي اولى اولويات المواطن، وذلك بتشكيل لجان ملكية تخرج بتصورات واضحة لكافة القطاعات الحكومية التي يجب ان تتعهد بتنفيذها الحكومات وترصد الاموال اللازمة لتنفيذها ضمن برنامج زمني محدد.