استراتيجية وطنية شاملة للعمل التطوعي المؤسسي

إيمانا من أهمية القيمة المضافة لدفع عجلة الإصلاح الاجتماعي عبر تطوير الأداء المؤسسي للجمعيات؛ وتعزيز مشاركتها الكفؤة الفاعلة، يقع على مختلف جهود العمل الاجتماعي التطوعي في الأردن مسؤولية مشتركة؛ لمواجهة التحديات التي تعترض عمل الجمعيات؛ التي تكون عثرة حجر أمامها في تحقيق أهدافها المنشودة لتنمية مجتمعاتها بشمولية، فإن الأمر يقتضي رسم وصنع إستراتيجية وطنية شاملة للعمل التطوعي، تتضمن جملة من المكونات، أبرزها: مراجعة التشريعات الناظمة للعمل التطوعي بشكل مباشر أو غير مباشر، الإدارة المالية لمنظمات العمل التطوعي، التنسيق بين منظمات العمل التطوعي، تطوير البنية التحتية للعمل التطوعي، بناء القدرات المؤسسية للقائمين على الجمعيات، استقطاب المتطوعين، والترويج الإعلامي بهدف تعريف وتوعية المجتمع بدور الجمعيات الخدمي والرعائي والتنموي وتحفيز أفراده على المشاركة في العمل التطوعي المؤسسي.

 

جاء هذا التصور نتيجة المشاهدات؛ الخبرات؛ الممارسات؛ مخرجات التقارير والدراسات التي أجريت بهذا المجال، لتذليل التحديات والصعوبات التي تواجه عمل الجمعيات وتؤثر سلباً على جهودها المبذولة أو التي يمكن بذلها لخدمة وتنمية مجتمعاتها المحلية، وتتمثل هذه التحديات في: وجود عقبات تشريعية لضعف مواكبتها لمستجدات العصر، وتعقيد بعض الإجراءات الناظمة لها. وصعوبات مالية ناجمة عن اعتماد الجمعيات بشكل رئيس على المنح والمساعدات الداخلية والخارجية، والتمويل المشروط المرتبط بسياسات المانحين، وضعف التمويل الذاتي، وارتفاع تكاليف برامجها قياسا مع الواردات التي تحققها؛ مما يضطر الكثير منها إلى التعديل في نشاطاتها على حساب مستوى جودة خدماتها؛ واعتقاد بعض الفئات المستهدفة بأن ما تقدمه الجمعيات بمثابة هبات ومنح ومساعدات، وعدم تبني بعض الجمعيات لمشاريع ريادية تسهم في توفير إيرادات ذاتية دائمة، وضعف الجهات المعنية في عملية متابعة تمويل الجمعيات للتأكد من أنفاقها نحو الأوجه الصحيحة.

 

وتحديات تنسيقية تعزى لضعف المظلة المؤسسية الموحدة والمنسقة لسياسات واستراتيجيات وآليات عمل الجمعيات والتنسيق بينها وتبادل اللقاءات والمعلومات والخبرات، وعدم وجود قاعدة بيانات موحدة خاصة بالعمل التطوعي. وأخيرا تحديات تنظيمية نابعة من ارتفاع عدد الجمعيات ذات الأهداف المتشابهة، وقلة عدد الجمعيات المتخصصة في مجالات محددة، والعشوائية الجغرافية في انتشارها؛ حيث تتواجد نسبة كبيرة من الجمعيات في محافظة العاصمة عمان ومراكز المحافظات؛ مما يؤدي إلى الازدواجية في تقديم الخدمات وعدم التوزيع العادل للجمعيات في كافة مناطق المملكة، وضعف التوجيه الإداري والفني والقانوني لها، وعدم شمول أو الوصول إلى كافة كوادر العمل التطوعي في برامج التدريب، ومحدودية فعالية عضوية المنتسبين لها؛ واقتصارها على عدد محدود من الأعضاء في إدارة شؤونها، وضعف الجمعيات في استخدام وسائل الإعلام.