بلد المليون وزير!

اخبار البلد 

 
هذا تعبيرمجازي، يتعلق بعدد الذين يعتقدون بأهليتهم، أو يطمحون بتسلم حقيبة وزارية في الأردن، وهذه الفكرة مستوحاة من ردود الفعل على تشكيلة حكومة الدكتور عمر الرزاز، وما تعرضت له من تعليقات وانتقادات، من مختلف شرائح الرأي العام، بما في ذلك أوساط نيابية، حيث اضطر الرزاز الى الرد على تساؤلات عديد النواب، خلال المشاورات مع الكتل البرلمانية بقوله: أنه أجرى مقابلات مع ثلاثة مرشحين لكلّ حقيبة وزارية، حتى استقرّ أمره على هذه التشكيلة، وأنه يتحمّل مسؤولية كلّ وزير، بمعنى أن الاختيار خضع لتقييم الرئيس الشخصي، وليس له علاقة بتوجهات وخلفيات الوزير السياسية، أو برنامج عمل الحكومة. وبالنتيجة ليس هناك معيار سياسي واضح وشفاف حول كيفية اختيار الوزراء، وهذه الطريقة الأردنية في تشكيل الحكومات، تفتح شهية الأردنيين وتنشط خيالهم للتنبؤ بأسماء الوزراء، ولوحظ أن نحوعشرحكومات مفترضة شكلت على الفيسبوك، تضمنت أسماء مرشحين لحقائب وزارية، و"كل يغني على ليلاه"وحسب رغبته، ويروج لبعض الاسماء التي يرغب بتوزيرها.ولأن الشيء بالشيء يذكر، فقبل أيام شكل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان حكومته الجديدة، بعد انتخابه وانتقال البلاد إلى النظام الرئاسي، وتبدو المقارنة طريفة بين الحالتين، فعدد سكان تركيا حوالي"80" مليون نسمة، وتحتل المرتبة" 17"في الاقتصادات العالمية، وتضم حكومة أردوغان"16وزيرا"ونائبا لرئيس الجمهورية. ولمزيد من المقارنة فإن أميركا بلد الـ"350"مليون نسمة، والدولة الأعظم اقتصاديا في العالم، تتشكل حكومتها من 15 وزيرا، بينما تتألف حكومة الصين من" 18 وزيرا"،وهي بلد المليار ونصف المليار مواطن، التي تنافس أميركا اقتصاديا، وبينهما حرب" تجارية قذرة"حسب تعبير الرئيس ترمب. وأما الأردن الذي يبلغ عدد سكانه حوالي"90 .9"مليون نسمة بين مواطنين ولاجئين، وهو بلد غارق بالديون نحو"28"مليار دينار مايعادل"40 "مليار دولار، بالاضافة الى عجز موازنة يقدر بنحو" 250.1"مليار دينار، ويقترض لدفع الرواتب، ومع ذلك لدينا فائض في عدد الوزراء، حيث تتكون الحكومة من رئيسها و"28 وزيرا " ولعلها مقارنة صادمة تتناقض مع شعار ضبط النفقات والتقشف ،فحسب المعلومات المتداولة فإن فاتورة التقاعد الفعلية التي يتقاضاها (800 ،(من رؤساء الوزارات والوزراء والنواب والأعيان السابقين، تبلغ "16.14 "مليون دينار سنوياً، وهي تساوي تقريباً ما يتقاضاه "50 "ألف متقاعد من الموظفين. وهذه الحالة الاردنية الفريدة، تغري الكثيرين بالطمع بحقيبة وزارية، بحكم ما توفره من مكاسب مالية وامتيازات ورواتب تقاعدية، والواقع أنه وفق الآلية الضبابية المتبعة في تشكيل الحكومات، في غياب بيئة سياسية تعددية حقيقية، وتفريخ عشرات الاحزاب"الكرتونية"،عاجزة عن تشكيل حكومات برلمانية، فإن من حق أي مواطن الزعم بأنه يستحق أن يكون وزيرا، واذا كان المطلوب شهادة جامعية، فهناك ما يزيد عن مليون شخص يحملون شهادات البكالوريوس والماجستير والدكتوراة، وعدد كبيرمنهم لديهم خبرات متنوعة في اختصاصهم، وهناك ما يزيد عن"300" ألف خريج جامعي، ينتظرون دورهم بالتوظيف في سجلات ديوان الخدمة المدنية منذ سنوات. وأجزم أن عددا كبيرا ممن أشرت اليهم يستطيعون حمل حقيبة وزارية، اذا كان النموذج هو ما نراه من وزراء عاملين وسابقين، طالما أنه هؤلاء ليسوا علماءأو مخترعين، بل بالامكان العثور بين ركاب أي"كوستر"،على شخص او أكثر مؤهلين لاشغال مواقع وزارية، وفق المعايير المتبعة لاختيارالوزراء، وهذا لايقلل من شأن الوزراء، لأن كثيرين ممن يركبون وسائط النقل العامة "المتهالكة"، مواطنون لديهم مؤهلات وتخصصات علمية ومهنيةفي جوانب متعددة ،ومن حقهم أن يطمحوا لاشغال مواقع قيادية: "وزراء، نواب،أعيان، مسؤولين كبار" في مختلف القطاعات! وأظن أن الحالة الاردنية في تشكيل الحكومات فريدة بين دول العالم! وعليه فإن الاصلاح السياسي يبدأ من هنا.في جوانب متعددة ،ومن حقهم أن يطمحوا لاشغال مواقع قيادية: "وزراء، نواب،أعيان، مسؤولين كبار" في مختلف القطاعات! وأظن أن الحالة الاردنية في تشكيل الحكومات فريدة بين دول العالم! وعليه فإن الاصلاح السياسي يبدأ من هنا.