هلوسة مواطن حراث

الحقيقة أنني شارفت من العمر على الستين ولم أرتاح يوماً واحداً من العمل وهذا لا يهم القارئ، ولكن حقيقة أنني مهلوس وأنني سأقول ما يدور بداخلي وبداخل الكثير من المواطنين وعلى سبيل المثال هل نحن بالأردن  نظام وحكومة وشعب سوف نصل للإصلاح بدون دفع أثمان باهظة وبدون دماء كبقية الدول التي يجري فيها الآن التغيير بالدماء والدبابة الأمريكية؟ والكل يريد الإصلاح: الملك يريد الإصلاح، والحكومة تريد الإصلاح، والشعب يريد الإصلاح، والإصلاح يبعد عنا أكثر فأكثر والمسيرات ساعة تخف وساعة ترتفع وتيرتها والقادم من الأيام الله وحده يعلم به وبما أنني أهلوس، الجميع متفق على الإصلاح ولكن يوجد فئة تتستر وراء فئة من حيث المطالب بالإصلاح وحتى الحديث، فإذا كان يوجد مسؤول تسمع الحديث الناعم المنمق ويقولون بالحرف الواحد نحن أحسن من غيرنا وهذا حتى إذا تم الاشتباه بأي جالس يكون مصدر لإحدى الجهات، وإذا تأكدوا عدم وجود مسؤول أو مخبر فإن سقف الحديث يرتفع أكثر من المطالبين بالإصلاح الذين ينزلون إلى الشارع وأنا أسمي هذه الفئة الضالة والمنافقة. وهنا تجعل الإنسان يهلوس عن جد وأنا واحد منهم. لقد كثر الحديث على المحطات الفضائية والصحف المحلية وحتى العالمية عن المطالبين بالإصلاح وبدأت سقوف المطالب ترتفع شيئا فشيئا والحكومة تقول بدون تصريح مسموع أحكوا واطلبوا ما تريدون وأنا أفعل ما أريد، وخصوصاً هي صاحبة القرار ولم يبقى بالمملكة محافظة أو تجمع أو نادي أو مؤسسة أو حتى حارة إلا وأصدر بيان يطالب بالإصلاح ولكن دون جدوى. ولكن السؤال الكبير هل الشعب غير جاد بالمطالبة بالإصلاح ويوجد عنده هواية بالخروج بالمسيرات كل جمعة وكتابة البيانات الكثيرة؟ والحكومة تعرف وعندها اليقين أن كل هذه التصرفات لا تعدوا كونها غير جدّّية وغير مصممة بالمطالب وبالتالي الحكومة لا تهتم بالمطالبات أم أن الشعب جاد ومصمم على مطالبه ولا رجعة عنها مهما كلف الثمن ولكن الانتظار الوحيد هو حبهم لقائدهم الملك عبدالله وثقتهم بالقيادة الهاشمية بأنها هي صاحبة الولاية وهي التي يتم الإصلاح بقرارٍ منها وليس الحكومات. ولكن السؤال إلى متى الانتظار؟ ويقول المثل الفلاحي ( كل ما طالت بتلم أغمور) وأنني فعلاً بهلوس وبدأت أتكلم مع الشجر والحجر ولكن دون أن اسمع إجابة، وبعدها أتذكر إنني مواطن حراث يهلوس.