التعليم العالي في الأردن بين الإنجازات والتحديات
التعليم العالي في الأردن بين الإنجازات والتحديات
في محاضرته التي ألقاها في الجمعية الأردنية للعلوم والثقافة أشار أمين عام وزارة التعليم العالي والبحث العلمي السابق د. تركي عبيدات إلى أهمية قطاع التعليم العالي في التنمية الوطنية الشاملة إذ يؤدي هذا القطاع دوراً متميزاً في عملية التنمية بمفهومها الشامل، فقد حقق خلال السنوات العشر الماضية تقدماً ملحوظاً في إعداد البرامج الدراسية وتنوعها التي تلبي معظم احتياجات ومتطلبات سوق العمل ( المحلي والإقليمي)، وأنماط التعليم والتعلم التي تحكم النوع والكم. وعلى الرغم من محدودية الإمكانيات المادية في المملكة، إلاّ أن التعليم العالي يقع ضمن أولويات الدولة لما له من دور في الارتقاء بمستوى حياة المواطن الاجتماعية والاقتصادية والمعرفية.
لقد أعطى جلالة الملك قطاع التعليم العالي جلّ عنايته واهتمامه باعتباره المحرك الأساسي للاقتصاد والتنمية الشاملة كون الإنسان المؤهل والقادر على الإنتاج هو المحور التنموي الأساسي خاصة في التعامل مع مختلف التطورات التكنولوجية والتقنية، ووجه الحكومة في عام 2007م، إلى وضع خطة استراتيجية وطنية للتعليم العالي والبحث العلمي تهدف إلى إعداد خطط عمل تنّفذ ضمن برامج زمنية واضحة تحسّن نوعيته وجودته للسنوات الخمس القادمة بما يضمن حق الشباب في دراسة جامعية مخرجاتها عالية الجودة تمكنهم من المنافسة في السوق العالمي.
واستناداً إلى توجيهات جلالة الملك ووثيقة كلنا الأردن والأجندة الوطنية تم انجاز الخطة الإستراتيجية الوطنية للتعليم العالي والبحث العلمي ( 2007 – 2011 )، وتم إنشاء هيئة اعتماد مؤسسات التعليم العالي الأردنية، وإنشاء صندوق دعم الطالب الجامعي، وكذلك صندوق دعم البحث العلمي، وإجـــــراء العديـــــد من الدراســــــــات لتطوير التعليم العالي نحو الاقتصاد المعرفي( HERfK ) ولتجسير الفجوة بين مخرجات التعليم العالي ومتطلبات سوق العمل بالتعاون مع منظمات دولية، كما تمّ تعديل التشريعات الناظمة لقطاع التعليم العالي.
وأكد د تركي على مساهمة الاستثمار في التعليم العالي في تحسين مستوى الاقتصاد الوطني من خلال رفع القدرة الإنتاجية للفرد، ورفد الأردن بتحويلات مالية تقدر بحوالي 2.5 مليار دينار سنوياً من الأردنيين العاملين في الخارج، إضافة إلى موجودات مؤسسات التعلم العالي من عقارات وأبنية وتجهيزات والتي تقدر بمليارات الدنانير.
وأوضح د. تركي برنامج البعثات والمنح والقروض التي تقدمها وزارة التعليم العالي للطلبة المقبولين في الجامعات الرسمية في البرامج العادية، إذ بلغ مجموع القـــــروض والمنح والبعثات المقدمة في العام الدراســـــــــــي 2009/2010 حوالــــي ( 20000 ) منهم حوالي ( 18000 ) قرض ومنحه مقدمة من صندوق دعم الطالب الجامعي وحوالي ( 500 ) منحة من الصناديق الخاصة، أي أن مشاركة القطاع الخاص في دعم الطلبة ما تزال محدودة.
ولكن، ورغم الانجازات التي حققتها وزارة التعليم العالي إلا أنه ما زال أمامها عدد من التحديات من أهمها: ضعف الأداء المؤسسي في معظم مؤسسات التعليم العالي، وعدم وجود خطط تنفيذية ومؤشرات قابلة للقياس، ومحدودية الشفافية والمساءلة، والعجز السنوي في موازنات الجامعات بسبب عدم تغطية وارداتها الذاتية لنفقاتها التشغيلية والرأسمالية ،وبالتالي عدم قدرة الجامعات الرسمية على تسديد مديونيتها، إذ قارب العجز الكلي المتراكم بسبب الديون مع نهاية عام 2010 حوالي ( 70 ) مليون دينار، ومن التحديات الأخرى التي تواجه التعليم العالي في الأردن ازدياد أعداد الطلبة نتيجة الزيادة السكانية، وزيادة الإقبال على الجامعات، وكذلك محدودية البحث العلمي والنشر، وضعف ثقافة البحث العلمي لدى الطلبة، وضعف الشراكة بين القطاع الخاص ومؤسسات التعليم العالي في مجالات البحث العلمي والابتكار، وارتفاع أعداد الموظفين الإداريين في الجامعات الرسمية، وصعوبة تطبيق معايير الاعتماد الخاص على الجامعات الرسمية خاصة فيما يتعلق بأعداد الهيئة التدريسية وأعداد الطلبة، والتركيز على الاعتماد الكمي وليس النوعي، وغياب الدور الفاعل لكليات المجتمع في مجال التعليم التقني، وعدم وجود تحسن ملحوظ في البيئة الجامعية خاصة فيما يتعلق بشخصية الطلبة وسلوكهم، وطريقة تفكيرهم، وخير دليل على ذلك ازدياد العنف الطلابي داخل وخارج أسوار الجامعات.