عندما تصبح المعارضه للمعارضه فقط
من المتعارف عليه في كل دول العالم ان المعارضه تشكل حجز الزاوية في البنيان السياسي للدول وهي العين التي تكشف المستور وهي المراقب الذي يجلس على ركبه ونص للحكومه وتحاسبها على كل حركة لها وعلى كل قرار تتخذه اي ان المعارضه كالشوكه في الحلق بالنسبة للحكومات وبدون المعارضه يفقد المشهد رونقه وجماله وتصبح الحكومات تصول وتجول بدون خوف او رادع وبالتالي تفقد الدوله هيبتها ويصبح وجودها بلا معنى حيث سيستشري الفساد ويكثر المفسدون وتكون الامور في يد اشخاص معينون وتجير القرارات والمنافع لحسابهم لانه كما قيل السلطة المطلقه مفسدة مطلقه .
المعارضه السليمه تتطلب وجود احزاب سياسية على قدر عال من القوة والتنظيم وطنية لا ترتبط بالخارج بأي علاقه تنظيمية او فكرية هدفها وغايتها الوطن وخدمة الشعب فعلا لا قولا وشعارات زائفه وبراقه ذات برامج سياسية واقتصادية قوية جدا بحيث يمكن تقديمها بديلا صالحا عن البرامج الحكومية في حال ثبت فشلها في معالجة الاوضاع الداخلية للبلد .
قوة المعارضه لا تكون ابدا في قول كلمة لا باستمرار ورفض لكل ما يطرح على طاولة الحوار والنقاش او رفض الدخول باي حوارات داخلية اصلا اي بمعنى ان تكون المعارضه للمعارضه فقط نكاية بالدولة واذا بها تقول لن نوافق على شيء مما تقولونه حتى لو كان هذا الشيء ما طالبنا به سابقا وسوف نبقى نقول لا حتى يتم تفصيل الامور والقرارات على مقاسنا نحن فقط والا سنبقى نقول لا حتى تقوم قيام الساعه.
منذ بداية المسيرات والمظاهرات في شوارع عمان والتي شاركت بها بعض الاحزاب ومؤسسات المجتمع المدني ممن يطلقون على انفسهم بالمعارضه طرحت شعارات كثيره ومطالب عديده الكل متفق عليها ولا يقتصر الامر على المعارضه فلا احد مع الفساد ولا ضد الاصلاح ولا يجب ان تجير المعارضه كل ما يحدث لصالحها وان تركب الموجه وانها هي من تقود الشارع وتحركه وما لمسناه من هذا الحراك كله ان المعارضه لدينا في الاردن هي للمعارضه فقط فارغه من المضمون حتى لو كانت موجوده شكلا نجحت باطلاق الشعارات ورفع اليافطات وكثرة المطالب منها ما هو منطقي وممكن ومنها ما هو غير ممكن ويعد ضرب من الخيال والاستمرار به يقودنا الى نفق مظلم حيث من الصعب جدا القبول به على مستوى الشعب كله .
المعارضه لدينا والتي يقودها حزب جبهة العمل الاسلامي وبعض الاحزاب الاخرى الصغيره والتي تدور في فلكها لكسب تأييد الناس والشهره الاعلامية وللحصول على منافع خاصة بها والا ما الذي جعلها تربط قراراتها بالموافقه والرفض على اي امر بحزب جبهة العمل الاسلامي رفضت المشاركه في لجنة الحوار الوطني وقبل ذلك بالحكومه ودائما تشكك في مصداقية الحكومه وتشكك في جدية لجنة الحوار الوطني مع ان مخرجات اللجنه هي ما طالبت به المعارضه ومن ثم ابدت معارضه شديده لمخرجات لجنة الحوار مدعية ان هذه القوانين لا تلبي طموحات وامال الشعب الاردني ولا ادري كيف استطاعت المعارضه اجراء استفتاء على مستوى الوطن لتعرف مدى ملائمة هذه القوانين للطموحات الشعبيه فهي كعادتها تربط رفضها لاي شيء بالشعب الاردني كله وكأنها هي المتحدثه الرسمية باسم الشعب وحتى تضفي الشرعية على معارضتها مع ان الواقع عكس ذلك تماما ، ثم طالبت المعارضه باجراء تعديلا دستورية والعوده الى دستور 52 وتم تشكيل لجنة ملكيه بهذا الخصوص واستمر عملها بجد لمدة ثلاثة شهور وقاربت اللجنة على الانتهاء حيث تم تسريب بعض هذه التعديلات والتي جاءت منسجمه تماما مع مطالب الشعب والمعارضه من انشاء محكمه دستورية وضرورة الفصل بين السلطات ومحاكمة الوزراء امام القضاء المدني وانشاء هيئه مستقله للاشراف على الانتخابات والطعن امام القضاء بصحة النيابه وغيرها من التعديلات ماذا كان رد المعارضه وخصوصا حزب جبهة العمل الاسلامي رفض هذه التعديلات جملة وتفصيلا حتى قبل قرأتها بشكل كامل وقبل خروجها الينا بالصيغه النهائيه حيث ما تسرب هو القليل والتشكيك المستمر بمصداقية اللجنه المشرفه على التعديل وعلى التعديلات نفسها وستبقى المعارضه تعارض وترفض اي شيء حتى لو كان لها ما ارادت .
والسؤال المشروع ماذا تريد المعارضه الامر اصبح محيرا يدخل الشك والخوف في نفوسنا من التوجهات الخفية لها وما تحيكه داخل الغرف المغلقه من مخططات يجري تنفيذها بدقه وعناية واظن ان ما تطالب به المعارضه وتصر عليه لن يتحقق لانه وباختصار مرفوض شعبيا وعلى مستوى الوطن وقد سمعت وشاهدت هذه الاحزاب ردة الفعل الشعبية الكبيره الرافضه لاي تغييرات تطرأ على صلاحية الملك وبشكل قاطع وحازم وبخصوص الحكومه المنتخبه فهي ايضا لا تصلح لدينا في الاردن ولا اظن ان شخصا عاقلا واحد يرضى ان يربط مصير بلده وشعبه واطفاله بهذا الموضوع حيث يصبح تشكيل الحكومات مرتبط بموافقة هذه الدوله او تلك او ذلك الحزب وما نشاهده امامنا في لبنان والعراق هو خير دليل على ذلك .