باتر محمد علي وردم يكتب : من قتل زبن الخوالدة؟

نؤمن تماما بالقضاء والقدر، وأن كل امرئ يواجه مصيره المحتوم في لحظة الموت كما هو مكتوب من عند الله سبحانه وتعالى، ولكن أحيانا هنالك تفاصيل مؤلمة تتعلق ببعض حالات الوفاة والتي يمكن وصفها أيضا بالعبثية ونتيجة للإهمال والتسيب والأخطاء التي تصل إلى مستوى الجرائم.

حادثة وفاة حارس مرمى النادي الفيصلي الصاعد زبن الخوالدة هي واحدة من الحالات المؤسفة والتي تسببت بها سلسلة أحداث كان يجب ألا تحصل في المقام الأول. المرحوم الذي كان في سيارة إلى جانب زملائه من لاعبي النادي الفيصلي تعرضت لهم سيارة أخرى على الطريق في حالة تزاحم، ومع العصبية والعناد تم الضغط على سيارة اللاعبين لجنح إلى جانب الطريق ثم يتم تبادل إلقاء الحجارة بين الشباب في السيارتين. الخوالدة حاول الهروب من الموقف وقطع الشارع في الاتجاه المقابل في منطقة ذات قيادة سريعة جدا وبدون أن ينتبه إلى حركة السيارات فجاءته سيارة وضربته وقذفت به إلى الهواء وتوفي اثناء السقوط.

ما كان أبدا يجب أن تحصل تلك الماساة لو لم يكن هنالك التزاحم بين السيارتين والعراك اللاحق. قانونيا وبكل اسف فإن المتسبب الرئيسي هو سائق السيارة التي ضربت الخوالدة والذي تفاجأ به في الطريق بدون فرصة لتقليل سرعة السيارة. وربما تتمكن المعالجات الاجتماعية من تخفيف وقع الحادث على سائق السيارة ولكن المتسببين الرئيسيين في الوفاة هم من كانوا في السيارة الأخرى.

الأمن العام ألقى القبض على ركاب السيارة وقالوا روايتهم وأكدوا بأنهم لم يعرفوا أن في السيارة الأخرى لاعبي النادي الفيصلي، ولكن هذا لا يعفي ابدا من المسؤولية حيث يمكن أن يكون في السيارة الأخرى عائلة من أطفال ونساء يمكن أن تتهدد بمثل هذا التزاحم.

من الواضح بأنه من الضروري أن يتم إيقاف ممارسات غضب الشوارع التي تتزايد في الأردن في السنوات الماضية وتصل إلى ذروتها في شهر رمضان المبارك حيث الحر والأزمة الخانقة والاستعجال والصوم وفقدان الأعصاب وهي عوامل يمكن أن تجتمع لتشكل عدة حوادث قد تتحول إلى مآس مشابهة لحالة المرحوم الخوالدة. من الطبيعي أن نقوم بالتنظير حول أهمية الأخلاق والمسؤولية الشخصية والقيادة الحكيمة ولكن كل ذلك لن يجدي نفعا بغياب رقابة مؤثرة من شرطة السير.

ما يحدث حاليا في رقابة شرطة السير أنها تتم على الحالات الثابتة وبالكاد تستطيع السيطرة عليها. معظم الجهد ينصب على مخالفة السيارات ذات الوقوف المزدوج أو نصب فخاخ على الطرق السريعة أو تركيب كاميرات على الإشارات الضوئية. كل هذه الإجراءات مهمة ولكن أيضا يمكن لسيارات الشرطة أن تكون أكثر فعالية في ملاحقة ومخالفة المركبات التي تتهور في القيادة أو التي تخالف القوانين في التجاوز أو تتسبب بإبطاء السير في مواكب الأعراس والأفراح وكذلك السيارات التي تتزاحم في الشوارع.

خسرت عائلة الخوالدة فلذة كبدها، وخسر أصدقاؤه شابا خلوقا ومحترما وخسر النادي الفيصلي والكرة الأردنية حارسا ذا مستقبل كبير وكل ذلك بسبب الطيش والولدنة في الشوارع، وقد حان الوقت لإنهاء هذه الظاهرة المزعجة بعقوبات قاسية وانظمة مراقبة فعالة لأنه من الصعب جدا انتظار أن تحل المشكلة نفسها أو أن ينتشر الوعي بدون قوة القانون والردع.