عن العقد الاجتماعي يا دولة الرئيس
مع تكليف الدكتور عمر الرزاز رئيساً للحكومة دخل مصطلح العقد الاجتماعي لقاموس السياسة الأردنية الرسمية، فالرئيس الرزاز استطاع بهدوء يحسد عليه أن يقدم المصطلح كحل لعدد من الإشكاليات السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وأن يظهر المصطلح كتركيب لغوي بريء لا يحمل في طياته دلالات خطيرة ولا يلقي بظلال سوداء على الدولة. بعيداً عن الدخول في التطور التاريخي لهذا المصطلح ، وفي حال كان من ينادي به لا يعي ما يقوله تماماً، كان لا بد من توضيح ما يحمله هذا المصطلح من دلالات، لنعرف الهدف الحقيقي من استخدام وتداول هذا المصطلح في هذه اللحظة السياسية، فنظرية العقد الاجتماعي تم تأطيرها أوروبياً حين تم التنظير لإسقاط الملكيات، ففي بريطانيا نظر لهذا المفهوم كل من توماس هوبز وجون لوك بالتماشي مع حركة السير أوليفر كرومويل الذي ثار على الملكة وأعدم الملك تشارلز الثاني، ونزع الصلاحيات من الملك، وفي فرنسا نظر لهذه الفكرة جان جاك روسو واستخدمت فكرته للانقضاض على الملكية الفرنسية وإنهائها من خلال الثورة الفرنسية. والطريف أن من يقرأ التاريخ الأردني بعين الشخص الموضوعي ويبحث في تأسيس الدولة الأردنية يمكن له وبسهولة أن يكتشف حالة الأردن السياسية الخاصة، ولكن لمن لا يعرف أو لمن لا يرغب أن يعرف أو يعترف يمكن توضيح مجموعة من النقاط الضرورية لقراءة الحالة الأردنية. فالأردن كدولة، وهنا استخدم المصطلح السياسي، وليس المصطلح القانوني الدستوري أي كمملكة، قد تأسس عام 1921 على يد الأمير عبداالله بن الحسين، والذي صار متعارفاً عليه لاحقاً باسم الملك عبداالله المؤسس، وفي عام 1924 أمر أمير البلاد آنذاك (المغفور له عبداالله الأول) بإنشاء لجنة من واجباتها وضع (قانون أساسي) أي دستور، وقد أنهت اللجنة عملها في ذات العام، إلا أن تنفيذ توصياتها بإصدار القانون الأساسي لم تتم إلا في عام 1928. وفي هذا القانون الأساسي تمت مبايعة الأمير عبداالله أميراً على الدولة الأردنية، وهذا ما يُسمى وفق التاريخ السياسي بـ(عقد البيعة)، وتجدد عقد البيعة بعد استقلال الأردن وتحول النظام فيه من نظام أميري إلى نظام ملكي، وذلك من خلال الدستور الموضوع عام 1947 ،ونودي بهذا الدستور بالأمير عبداالله بن الحسين ملكاً على الأردن.