المنطقة.. ورياحها الهوجاء
تكتسب زيارة جلالة الملك الحالية إلى الولايات المتحدة أهمية خاصة بالنظر إلى التحديات التي تشهدها المنطقة والتي لايمكن تجنب إنعكاساتها وآثارها على بلدنا. إن العمل السياسي الذي يقوم على مبدأ الإشتباك الإيجابي هو وحده المؤهل لحماية المصالح الوطنية ومحاولة التأثير في مجرى الأحداث لتقليل إنعكاسها السلبي وتحقيق أعلى فائدة ممكنة منها ، أما العزلة والتقوقع فهما الضمانة الأكيدة ليكون تأثير الأحداث الواقعة سلبيا بالضرورة. وفي الواقع ، فإن العزلة لم تكن يوما أحد خيارات الدبلوماسية الأردنية التي يقودها جلالة الملك ، فالتواصل والحوار مع جميع الأطراف هما السمة الأبرز لدبلوماسيتنا النشطة. ففي الأسبوع الذي سبق زيارة جلالته إلى واشنطن ، كانت عمان نقطة إستقطاب للعديد من المسؤولين الدوليين. فقد إلتقى جلالته بالمبعوثين الأميركيين جاريد كوشنر وجيسون غرينبلات وبالمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ورئيس الوزراء الإسرائيلي نتانياهو. وكانت هناك لقاءات رسمية أردنية أيضا مع مسؤولين فلسطينيين ، فخطوط التواصل الأردنية مفتوحة مع الجميع خدمة لمصالح الأردن وحرصا على تعظيم فائدته من المتغيرات والأحداث أو على الأقل تجنب سلبياتها. ولايخفى أن أحد أبرز التطورات المحتملة في الفترة القادمة هو قيام الإدارة الأميركية بطرح تصورها للسلام الشامل بين الفلسطينيين والإسرائيليين ، إذ ثمة إعتقاد لديها أن هذا هو الوقت المناسب لطرح تسوية نهائية وشاملة للقضية الفلسطينية. وإذا كانت إحدى الدوريات البحثية المرموقة ، وهي « فورين بوليسي « قد أطلقت على خطة ترمب « أو كوشنر للدقة « المشروع الكارثي ، فإن من المرجح أن يكون جلالة الملك قد قام بشرح حقائق الأمور للإدارة الأميركية مع التأكيد – كما صرح جلالته–على أن حل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية هو الصيغة الوحيدة التي من شأنها تحقيق السلام العادل والشامل في المنطقة. ومن الضروري أن تسمع الإدارة الأميركية هذه التصورات الأردنية المنطلقة من حرص الأردن الأكيد على تعزيز منظومة الأمن الإقليمي. أما إذا إختارت الإدارة الأميركية تجاهل نصيحة الأردن فإنها تتحمل تبعات قرارها. إن صوت جلالة الملك هو صوت العقل والإعتدال الذي لايصمت ولايتوارى في أوقات الأزمات، فقد سبق وأن حذر