طريق فشل مبادرة ترامب


أكرمني الصديق طاهر المصري، رئيس الوزراء الأسبق وزودني بوثيقة هامة، رداً منه واستجابة لما كتبت، حينما وصفت الظروف السياسية السائدة حالياً، مقارنة بالظروف المماثلة التي سادت لدينا وعندنا بعد كارثة الخليج العربي على أثر حرب العراق، التي دمرت قدراته وحاصرته وأدت إلى احتلاله عام 1991، وتوظيف هذه النتائج واستغلالها من قبل الرئيس بوش الأب ليقدم مبادرته في عقد مؤتمر مدريد.
وثيقة أبو نشأت هي القرار 877، الصادر عن اجتماع مجلس الوزراء الأردني يوم 19/10/1991، أي قبل التئام مؤتمر مدريد بعشرة أيام، ولم أجد أكثر أهمية للتذكير بها والتأكيد على مضمونها في مواجهة الضغوط التي نتعرض لها، لمواجهة مبادرة الرئيس الأميركي ترامب الهادفة إلى تسوية – تصفية القضية الفلسطينية لحساب المشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي:
«اطلع مجلس الوزراء على رسالة الدعوة الموجهة إلى الحكومة الأردنية من رئيس الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي لحضور مؤتمر السلام الذي سيعقد في العاصمة الإسبانية مدريد في 30/10/1991، وقد ناقش المجلس هذه الدعوة في ضوء تحليل دقيق للمتغيرات التي حدثت على الساحات الدولية والإقليمية والعربية والمستجدات التي شهدتها المنطقة بعد حرب الخليج وتطورات القضية الفلسطينية وما يشهده الشعب العربي الفلسطيني في الارض المحتلة من معاناة، وما يقدمه من تضحيات، وتأكيداً على دور الأردن القومي الثابت في دعم الشعب الفلسطيني وإدراكاً لحقائق المرحلة الاستراتيجية وطبيعة الموازين الدولية والإقليمية، فقد قرر المجلس قبول الدعوة من حيث المبدأ، والموافقة على المشاركة في المؤتمر بوفد أردني – فلسطيني مشترك، وإبلاغ جهتي الدعوة بهذه الموافقة المستندة إلى الأسس التالية:-
أولاً: حماية مصالح الأردن العليا، دفاعاً عن أمنه ومستقبل أبنائه، وإدراكاً لأبعاد، المسؤولية وأمانة الحكم في هذه الظروف المصيرية.
ثانياً: أنها تمثل التزام الأردن القومي والوطني، وإصراره الدائم على تطبيق الشرعية الدولية من أجل سلام عادل ودائم وشامل.
ثالثاً: أنهــــا تمثــــل مصداقية الموقف الأردني من جهود السلام المبذولة ووفائه لأهل فلسطين.
رابعاً: تــــأمين الانسحاب الإسرائيلي من الأراضي الفلسطينية والأراضي العربيــــــــة الأخرى المحتلة عام 1967 بما فيها القدس الشريف، تنفيذا لقرار مجلس الأمـن رقم (242) وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة.
خامساً: ضمان عروبة القدس الشريف، وتأكيد اعتبارها جزءًا لا يتجزأ من الأراضـــي الفلسطينية المحتلة عام 1967، ينطبق عليها ما ينطبق على سائـــر الأراضــي المحتلة عملاً بقرار مجلس الأمن والأمم المتحدة.
سادساً: ممارسة الشعب الفلسطيني لحق تقرير المصير على ترابه الوطني.
سابعاً: حل قضية اللاجئين الفلسطينيين وفق قرارات الأمم المتحدة.
ثامناً: الوقف الفوري للاستيطان تطبيقاً لقرارات الشرعية الدولية ومبدأ الأرض مقابـل السلام.
تاسعاً: تطبيق قرار (242) على كافة مراحل الحل بما يضمن ترابطها وتحقيق الحــــل الشامل والسيادة الفلسطينية على الارض والمصادر الطبيعية، والشؤون السياسية والاقتصادية».
الأردنيون بحاجة لمعرفة موقف حكومتهم من مبادرة ترامب، وما هو الموقف الذي ستتخذه، طالما أن وزيرها للخارجية، أيمن الصفدي يلتقي ويسمع ويعرف ولا شك أنه قدم ويُقدم تقدير موقف ليكون أرضية للتحرك الأردني واتخاذ القرار، في ظل التطرف الإسرائيلي والاندفاع الأميركي والرفض الفلسطيني لمبادرة ترامب.
h.faraneh@yahoo.com