قانون الجرائم الالكترونية

 كان قانون الجرائم الإلكترونية قد اثار جدلاً في الأردن، ولا سيما في الأوساط الإعلامية، حين اعتبر البعض أن هناك فقرات من القانون تقيد حرية الاعلام والتعبير، وهي المادة ١١ من القانون، مطالبين بتعديلها لكونها تخالف مواد أخرى من الدستور. في هذا الاطار يقول «بيرتراند رامل»: ( حينما تصبح الحرية ضارة.. يجب ان نلجأ للقانون ) ، فلا ننكر بان المواطن اصبح مالكاً لوسائله الخاصة التي اتاحت له حرية الرأي والتعبير.. وبالتالي لم يعد المواطن مجرد شخص مستقبل للمعلومة والصورة فحسب، بل اصبح مرسلاً لها ومنتجا ومسوقاً وناشراً ومرسلاً لها عبر ادواته ووسائله الخاصة التي يمتلكها.. واعتقد بان التعديلات الجديدة على قانون الجرائم الالكترونية جاءت كخطوة ايجابية نحو الارتقاء بسلوكيات المستخدمين عبر مواقع التواصل الاجتماعي.. وللحد من الفوضى العارمة التي اجتاحت مواقع التواصل الاجتماعي من قبل الكثيرين من افراد مجتمعنا وضبطها بقوانين صارمة ورادعة.. فهناك فئات أيدت تطبيق القانون.. بينما نجد فئات اخرى اعتبروا تطبيق هذا القانون سيُحد من حرية الرأي والتعبير ويغلق افواه الكثيرين.. لكني اعتقد بان هذه تعديلات جاءت لتُطبّق على الفئات التي باتت تشكل فوضى عارمة في العالم الافتراضي.. وأدت الى اختلاط الحابل بالنابل.. وأساءت لمفهوم الحرية واحترام الرأي والرأي الاخر.. واساءت لمفهوم الاتصال والتواصل.. عدا عن الفئات التي تقوم بغسل أدمغة المراهقين وجرهم وراء الاباحات الجنسية.. كما ان فئات باتت تقوم باستخدام تهديد الاخرين اما بصورهم او سلوكياتهم عبر غرف الدردشة.. وغيرها من الامور الاخرى التي باتت تشكل خطورة كبيرة على المجتمع. كما ان تطبيق هذا القانون جاء كخطوة ايجابية للحد من الشتم والقدح والتحقير والتدخل بخصوصيات الاخرين.. وللحد من خطاب الكراهية الذي نجده ينشط عبر مواقع التواصل الاجتماعي واشهرها (الفيسبوك ) بين الحين والاخر ويؤدي الى اثارة النعرات الطائفية والعنصرية والفتن والاساءة للاخرين.. الامر الذي بات يشكل خطورة كبيرة على مجتمعنا وبالتالي يؤثر على وحدتنا الوطنية وأمن المواطن.. الامر الذي أدى الى تحويل بعض الجرائم الالكترونية من العالم الافتراضي الى ارض الواقع.. من خلال التهديد والانتقام.. فنجد ان اغلب القضايا العامة المطروحة عبر الفيسبوك قد تحولت الى قضايا خاصة تمس الاشخاص انفسهم.. وبالتالي فان هذا القانون لم يأتِ ليطبق على المعتدين فحسب، بل ليُنصف المعتدي عليهم.. ولم يأتي لمعاقبة المعتدين والمجرمين وحسب ، بل جاء لحماية المعتدي عليهم.. اي ( حماية المواطن)، فهناك فئات تساعد على نشر لفتن والشائعات منها عن قصد ومنها عن دون قصد.. وفي هذا الاطار، ليس المهم ان نحفظ التعديلات الجديدة لقانون الجرائم الالكترونية.. بل نحن اليوم في امس الحاجة لئن ندرك مفهوم الاتصال والتواصل عبر الوسائل التكنولوجية.. وان ندرك مفهوم الحرية المسؤولة.. وكيف نحترم الرأي والرأي الاخر.. وكيف نعبر وننتقد بطريقة موضوعية.. نحن اليوم في امس الحاجة الى الثقافة التكنولوجية.. نحن في امس الحاجة الى ( التربية التكنولوجية).. واذا كنا بحاجة لحرية الرأي والتعبير فهي موجودة وبين ايدينا.. لكن الكثيرين يسيوؤن استخدامها ويظنون انه ومن خلال السب والشتم والتحقير والتقليل من اهمية الاخر وغيرها الكثير من الامور يمتلك تلك الحرية، فسلوكياتنا عبر مواقع التواصل الاجتماعي ( قولاً وفعلاً ) تعكس اخلاقك وبيئتك ومحيطك ومعدنك واصلك، تعكس ضميرك ونفسيتك وثقافتك. فنحن البشر عبيد كل شيء نسمح له بان يتحكم بحياتنا. فلنحاول ان نجعل وسائل التواصل الاجتماعي هدفاً نبيلاً نناقش من خلاله قضايانا ومشاكلنا الاجتماعية بكل موضوعية لا ان نحولها مسرحاً للتهديد والانتقام والكراهية وبالتالي نحولها مسرحاً للجرائم الالكترونية.