تشهير وإبتزاز واغتيال بكبسة زر!

 هناك سيولة وعدم انضباط في مواقع التواصل الإجتماعي تحديدا لكن الأسوأ هو غياب الضوابط وجاهزية المسؤولين في الحكومة والقطاع الخاص للاستجابة مع المعلومات الهائلة رغم معرفتهم بأن معظمها يقع في باب التشهير والابتزاز ومكانها المحاكم . ذهبت الصحافة الصفراء وحلت مكانها المواقع الإلكترونية , لكن هذه وتلك محاطة بقيود وضوابط قانونية ولها مرجعيات تتحكم بسيولتها إن أفلتت، وتعود بها الى رشدها إن إنحرفت ولها مظلة , لكن ذلك كله غير قادر وهو لا يستطيع أن يحيط بلعبة مواقع التواصل الإجتماعي وهو لن يستطيع بلا قوننة . حتى الحكومة تلجأ الى مواقع التواصل الإجتماعي عوضا عن منابر الإعلام المسؤول لبث الأخبار أو للتفاعل مع المواطنين , هذا ليس عيبا بالطبع , لكنه يطرح سؤالا ما إذا كانت تغريدات أو بوستات الوزراء على التويتر والفيس بوك هي تصريحات رسمية مسؤولة أم لا . كم هي المساحة التي يتيحها هذا التواصل بين الرد والرد المعاكس بما في ذلك تجاوز اللياقة في بعض ردود المواطنين وما يمكن أن يحمل في طياته من إساءات أو هفوات تتحول سريعا الى منصة لإغتيال الشخصية وتبادل الشتائم ونشر الشائعات والمعلومات غير الصحيحة التي تحتاج لوقت لدحضها واثبات عدم صحتها. لحسن الحظ أن هذه الحكومة لم تسحب مشروع قانون الجرائم الإلكترونية كما سحبت مشروع قانون ضريبة الدخل لكنها تعهدت بإبداء مرونة حول تعديلات في سياق عدم سعيها الى تكميم الأفواه وستفتح الباب واسعا أمام الحوار حول هذا القانون الذي وصفته ب « المثير للجدل». هل الحد من تشويه الحقائق ووقف نشر الإشاعات ومنع إغتيال الشخصية والنخر في الوحدة الوطنية وتنفير الاستثمار والمستثمرين والمس بالاقتصاد الوطني تحتاج الى حوار ؟. أصحاب النوايا السيئة يخلطون بين الحريات العامة والنقد الموضوعي المسؤول وبين نشر الشائعات وإغتيال الشخصية , ويعتبرون أن تقييد هذا كله يقع في باب تقييد الحريات ويؤثر على موقع الأردن في المؤشرات الدولية لحرية الإعلام والحريات العامة أصحاب النوايا السيئة أيضا يقولون أن لا دخان بلا نار فشبكات التواصل الاجتماعي فاعلة في يد كل من يشاء وهي توفر سيولة كبيرة من المعلومات، التأكد منها أونفيها كلاهما صعب مع سهولة تداولها، وتصديقها حتى أن بعض وسائل الإعلام التقليدية وجدت فيها مادة خصبة ترتكز اليها في بناء القصص والأخبار .. صحيح أن الشفافية والإفصاح هما أدوات دحض الشائعات وإغتيال الشخصية والإبتزاز , لكن المحاكم هي الفصل فيها ولا مناص من قانون صارم ومشدد لتصويب المشهد .