حكاية خفض النفقات!

 حسنا فعلت الحكومة الجديدة إذ تبنت إتفاقا كانت عقدته الحكومة الراحلة مع صندوق النقد الدولي بتخفيض نفقاتها ما يكرس مبدأ أن عمل الحكومات تراكمي في الإنجاز كما في الإخفاق والحسنة التي هي بعشر أمثالها تكمن في تصويب الإختلالات. الخفض المتفق عليه مع صندوق النقد الدولي في المراجعة الأخيرة تقرر أن يكون بنسبة 75ر. % نزولا من نسبة 1 %تعادل 300 مليون دينار الى 200 مليون دينار ليصبح 150 مليون دينار بفضل الدعم الخليجي المباشر للموازنة وقيمته 100 مليون دينار لخمس سنوات. مذكرة الإتفاق كانت من بين الأوراق التي سلمها الوزير عمر ملحس لخلفه عز الدين كناكرية الذي عرضها بدوره على مجلس الوزراء ليقرها بإعتبارها إتفاقا جاهزا للتنفيذ. الموازنة الأردنية تفوق طاقة الاقتصاد الأردني وهذا صحيح ، ومستوى الضرائب مرتفع، وهذا صحيح أيضا لكن ما هو اصح هو أن استهداف تخفيض النفقات الجارية غير قابل للتنفيذ وما يمكن تخفيضه هو النفقات التشغيلية للحكومة , لكن من المهم أن لا يكون التخفيض من حساب النفقات الرأسمالية. في الإتفاق المشار إليه أعلاه ترك الصندوق للحكومة اختيار تخفيض العجز، بين زيادة الإيرادات (الضرائب) أو خفض النفقات فقررت الحكومة أن تأخذ بكلا الخيارين , زيادة الإيرادات وخفض النفقات. النفقات التشغيلية هي إيجارات وصيانة وكهرباء وماء وقرطاسية وهاتف وكمبيوتر ومساحة التخفيض فيها يمكن أن تصل الى 20 %سنويا وما على الحكومة سوى أن تتوقف عن تجديد أثاثها وتقليص فاتورة الكهرباء والتخلص من السيارات الفارهة. أبواب التوفير كثيرة ومنها مراجعة المشاريع غير المجدية وتقليل نفقات استملاكات الأراضي، والتوقف عن دعـم الوحدات المستقلة ، والاستغناء عن معظم أسطول السيارات الحكومية واستبدالها بمتعهدين كما تفعل دول أوروبية أكثر ثراء منا لكن الأهم هو الإستمرار بتوجيه الدعم الى مستحقيه بدلا من السلعة تخفيض النفقات الجارية في الموازنة العامة لا يجب أن يكون مصطنعا او على حساب المخصصات التي تماطل أو ولا تدفع منها الحكومة التزاماتها للمقاولين ولشركات الدواء وغيرها كما أنه ليس بديلا عن زيادة الإيرادات. الموازنة أكبر من طاقة الاقتصاد ، ومستوى الضرائب مرتفع، ولمواجهة ذلك المطلوب ترشيق الحكومة التي توسعت في التوظيف فما نراه اليوم يسمى بالبطالة المقنعة وأول الحلول هي هندسة الموازنة لتحقيق هدف طموح وهو حكومة أصغر وعجز أقل.