كيف سيكون الرزاز مختلفاً؟!


سنتفق بداية أن جميع كتب التكليف الملكية لرؤساء الوزراء كانت تحمل بين أسطرها برامج سياسية واقتصادية واجتماعية مثالية ورائعة وواعدة، لكن التطبيق شيء آخر.
ولأن الحديث ذو شجون، كما تقول العرب، فإن كتاب التكليف لحكومة الدكتور عمر الرزاز فرصة لاختبار هذه المقولة.
الملك وجه الرزاز إلى بناء جهاز حكومي رشيق وكفؤ، ومنظومة أمان اجتماعي تحمي الضعيف في ظل بيئة ضريبية عادلة. وإطلاق طاقات الاقتصاد الأردني وتحفيزه ليستعيد إمكانيته على النمو والمنافسة وتوفير فرص العمل.
وطالب الملك بالبحث عن "حلول خلاقة" لمعيقات التنافسية الاقتصادية، وعلى رأسها ارتفاع التكاليف التشغيلية والإجراءات البيروقراطية المعيقة.
ودعا إلى إطلاق حوار بالتنسيق مع مجلس الأمة بمشاركة الأحزاب والنقابات ومختلف مؤسسات المجتمع المدني، لإنجاز مشروع قانون ضريبة الدخل الذي يعد تشريعا اقتصاديا واجتماعيا مفصليا.
وهذا يتطلب من الحكومة أن تقوم بمراجعة شاملة للمنظومة الضريبية والعبء الضريبي بشكل متكامل، ينأى عن الاستمرار بفرض ضرائب استهلاكية غير مباشرة وغير عادلة لا تحقق العدالة والتوازن بين دخل الفقير والغني، ويرسم شكل العلاقة بين المواطن ودولته في عقد اجتماعي واضح المعالم من حيث الحقوق والواجبات.
كتاب التكليف أكد أن فرض الضرائب وتوفير خدمات نوعية أمران متلازمان. فالملك لن يقبل إلا أن تقدم أعلى مستويات الخدمة، وأهمها الصحة والتعليم والطرق ووسائل النقل العامة وشبكات الأمان الاجتماعي.
ودعا الحكومة إلى أن تضع الإصلاح الإداري والنهوض بأداء الجهاز الحكومي على رأس أولوياتها، واعتباره مصلحة وطنية عليا؛ فلا مجال لأي تهاون مع موظف مقصر أو مسؤول يعيق الاستثمار بتعقيدات بيروقراطية، أو تباطؤ يضيع فرص العمل على شبابنا والنمو لاقتصادنا.
وهذا يتطلب الإسراع بإنجاز مشروع الحكومة الإلكترونية للارتقاء بنوعية الخدمات، والتخلص من البيروقراطية، وضبط الإنفاق الحكومي بكل حزم.
وضمن التكليفات التقليدية للحكومات السابقة فقد طالب الملك حكومة الرزاز بمواصلة مسيرة الإصلاح السياسي، والبناء على ما تم إنجازه في الأعوام السابقة، وهنا لا بد من إعادة النظر في التشريعات الناظمة للحياة السياسية بما يعزز من دور الأحزاب، ويمكنها من الوصول إلى مجلس النواب.
إذاً نحن هنا أمام برنامج عمل مثالي وعملي يضعه الملك أمام الحكومة التي ستكون مطالبة بتطبيق النص، وليس القفز من فوقه.
تجربتنا مع الحكومات السابقة هي نسيان متعمد أو بحسن نية للنص، وتحويله عند التطبيق إلى النقيض تماما!
لماذا يحدث ذلك؟ لأن رؤساء الحكومات يتعاملون مع كتب التكليف بوصفها برتوكولاً غير ملزم، كما أن كل تيار أو قوى أو شخصية في الدولة تقوم بالدفاع عن مصالحها مما يضعف رئيس الوزراء، ويحول كتاب التكليف إلى حبر على ورق، والأخطر أنه لا يوجد من يحاسب، لا مجلس نواب، ولا صحافة، ولا أحزاب، ولا مجتمع مدني، ولا يحزنون.
كيف سيكون الدكتور عمر الرزاز مختلفا!! الجواب عند أبو طارق نفسه، والمؤسسات السيادية في الدولة.