فسادنا المسكوت عنه
ثارت "الغد" العديد من الملفات المنظورة اليوم من قبل جهات رقابية، وكثيرا ما تم نشر معلومات لو أخذت من قبل الجهات المعنية في حينه على محمل الجد لتمت معالجة العديد من المشاكل وملفات الفساد قبل أن تستفحل وتستعصي على العلاج وتتسبب بضرر للاقتصاد.
وأكثر ما يجسد الحال قول" تنادي ولا حياة لمن تنادي"، إذ ظل الإعلام ولفترات طويلة يفتح كثيرا من الملفات التي تنطوي على مخالفات كبيرة تشي بسوء إدارة قد ترتقي لمستوى الفساد، من دون أن نسمع أية ردود فعل رسمية عليها، حتى جاء الربيع العربي واقتحم كل الأبواب الموصدة.
أبرز هذه الملفات "سكن كريم لعيش كريم"، المنظور أمام هيئة مكافحة الفساد منذ أشهر ولم يتخذ فيه قرار حتى اللحظة؛ حيث كتبت في ملحق "سوق ومال" تقارير ومقالات كشفت الخلل الذي يعاني منه المشروع الضخم قبل نحو سنة من فتح التحقيق في الموضوع، وكل ما وصلنا في حينه ملاحظات حول التأثير السلبي لما ننشره على المشروع.
ولو أن المسؤولين أصغوا والتفتوا إلى ما كتب في ذلك لما وصلنا إلى هنا، ولربما سنحت الفرصة لنجاح المشروع النبيل.
القضية الأخرى التي أفردنا لها مساحات وحاولنا (من دون جدوى) أن نلفت انتباه الجهات المعنية لها تمثلت بالشركة المتكاملة للنقل، والمخالفات والتجاوزات التي تعتريها، وكان الرد ذاته؛ اذ ظلت الجهات الرقابية تصم آذانها، حتى جاء يوم ارتكبت فيه الشركة "جريمة اقتصادية" وهددت قطاع النقل الحيوي في العاصمة من دون أن يرف لها جفن.
ملف الباص السريع أيضا كتبت عنه صفحات كثيرة ومواضيع مختلفة تحلل ماهية المشروع وإمكانية تنفيذه على أرض الواقع، ورغم ذلك لم تبادر الجهات المسؤولة إلى اتخاذ أية خطوات للتحقق من تفاصيل المشروع والغموض الذي يلفه.
كما ركز الإعلام على جدوى نقل مشروع ميناء العقبة إلى الجهة الجنوبية بدلا من الوسطى والتي كلفت الاستشارات حولها ما لا يقل عن 34 مليون دولار، ليتضح بعد ذلك أن المنطقة الوسطى افضل، عدا عن تأثير ذلك على كلفة المشروع وتأخيره لمدة تزيد على عامين وتأجيل الالتزام مع شركة المعبر الدولية في مسألة تسليم الأراضي، ومن المرجح أن نسمع يوما ما عن فتح التحقيق في هذا الملف.
ومن المسائل المسكوت عنها قرض شركة تطوير العقبة الذي تبلغ قيمته 125 مليون دينار وحصلت عليه منذ نحو سنتين، وما تزال تتكبد الشركة خسائر قيمتها تقارب 5 ملايين دينار سنويا.
الملف الأبرز والذي ظل ساكنا من دون حراك حتى أجل قريب هو ملف شركات المساهمة العامة التي تضم شتى أشكال المخالفات والسلب لحقوق المساهمين، إذ بقيت المؤسسات صامتة حيال ما يجري فيها منذ سنوات طويلة، رغم المطولات التي قدمتها "الغد" بهذا الخصوص.
وثمة ملفات كثيرة ما نزال نخوض فيها ونصرّ على فتحها حتى تنجلي حقيقتها، ومنها الممارسات الاحتكارية في كثير من القطاعات التي ما تزال تسلب جيوب المواطنين وتحقق الأرباح الطائلة على حسابهم.
للإعلام دور في لفت الانتباه لمثل هذه الملفات، لكن ضعف الاستجابة وعدم الاكتراث اللذين مارستهما المؤسسات الرقابية والحكومية كثيرا خلقا حالة من الإحباط والشعور بعدم الجدوى، لكن مسؤوليتنا تحتم علينا ان نمضي بقول الحق من دون خوف أو وجل حتى يظهر الحق ويزهق الباطل.
jumana. ghnaimat@alghad.jo