حكومة الرزاز بين التفاؤل والتشاؤم


تفائلنا كثيراً من المؤشرات الأولى التي رافقت تكليف الدكتور عمر الرزاز بتشكيل حكومة جديدة ، خلفاً لحكومة الدكتور هاني الملقي ، والتي لم يستطيع الشارع الصبر عليها اكثر مما صبر ، وقد جاءت مؤشرات التفاؤل من ثلاث نقاط ، الأولى كتاب التكليف السامي الذي وجهه جلالة الملك للدكتور الرزاز، والذي تضمن وضع آلية للخروج بالوطن من ازمته الاقتصادية ، واعطاء رئيس الحكومة المكلف الوقت الكافي لإختيار فريقه الوزاري بحرية .
والنقطة الثانية ، ما جاء في حديث جلالة الملك خلال لقائه بنخبة من الإعلاميين ، حيث تحدث جلالته أن هناك خمسة او ستة من الوزراء هم من يعملوا بينما الأخرين نائمون ، واكد جلالة الملك أنه على المسؤول أن يكون قريب من المواطن ليتلمس حاجاته ويساعده على قضائها وأن يشرح له ما تقوم به الحكومة من اجراءات مختلفة ، أمًا النقطة الثالثة فهي تصريحات دولة الدكتور عمر الرزاز في أنه يبحث عن فريق وزاري بطريقة هادئة وسرية حتى يكون بعيداً عن ضغط او تأثير اي جهة كانت ، وأنً اختيار الفريق الوزاري سيكون بناءً على اسس ومعايير .
هذه النقاط جعلتنا نتفائل ونقدر تأخر الرئيس في الإعلان عن حكومته ، وقبل ذلك كله كان الرضا الشعبي الذي توافق مع اختيار الدكتور عمر الرزاز رئيساً للحكومة الجديدة ، فهو من كان مؤتمن على التربية والتعليم لأبنائنا ومستقبلهم ، والأن نأتمنه على اقتصادنا وعلى ايجاد مخارج للأزمة الإقتصادية التي يمر بها الوطن .
أمًا وبعد أن تفاجأنا بتشكيل الحكومة والتي نتمنى لها كل التوفيق ، فإن احلامنا بدأت تتلاشى ، وآمالنا بدأت تتبخر ، كون الفريق الذي خرج به دولة الرئيس بعد فترة ليست بالقصيرة من البحث واجراء المشاورات ووضع الأسس والمعايير ، فإن ثلث هذا الفريق قد عاد من حكومة الدكتور هاني الملقي ، وأمًا باقي الفريق الوزاري فيكفي أن تطالع وسائل التواصل وما تتناوله من اخبار حول السيرة الذاتية لكل منهم وكيف تم اختياره .
ونتسائل هنا هل يوجد في هذه الحكومة - اذا استثنينا الرئيس – من هو قريب من الشارع والمواطن ، ويستطيع أن يتلمس هموم المواطن ويشاركه قضاياه التي يعاني منها ، وهناك سؤال يطرح نفسه هنا ، أليس المناطق التي تُعد اكثر فقراً واقل حظاً في كل شيء ، مع أنً من يقطنها هم من ساهموا في تأسيس الإمارة منذ تشكيلها ، ألا يحق لهم المشاركة في الحكومة ولو بحقيبة حتى يشعروا أنهم جزءٌ من الحل ، فهم الأقرب الى همومهم واوجاعهم واحتياجاتهم ، واقصد هنا البادية ، وتحديداً الجنوبية التي تترامى على مساحة اربع محافظات في جنوب وطننا الذي نحب ونفتدي ، أليس بهم رجلٌ رشيد يا دولة الرئيس ، أم هو نصيب الأطراف دائماً هكذا ، علماً بأن هذه الحكومة لم تأتي رشيقة كما توقعنا ، بل إن عدد فريقها فاق عدد كثير من الحكومات في دولٍ اخرى .
نتمنى أن تخيب ظنونا جميعاً في عدم تفاؤلنا ، وأن تحقق هذه الحكومة ما عجزت عن تحقيقه الحكومات السابقة ، وأن تكون هذه الحكومة قد اقتنصت الفرصة التاريخية التي تحققت لرئيسها الذي نال ثقة الشعب قبل أن يطلبها من مجلس النواب .
واستذكر هنا حكاية لص كان متخصص في سرقة أكفان الموتى فور دفنهم ، فكان اهالي القرية يدعوا عليه ويشتموه في كل مجلس ، وبعد أن رحل هذا اللص والناس لازالت تدعو عليه حتى سمع إبنه كيف يُشتم أبيه ، وراح يسأل الناس عن سبب شتم ابيه ، فأخبره بعضهم عن السبب ، فغضب الإبن وقال سوف اجعلهم يترحمون على ابي ، فأصبح الإبن لا يكتفي بسرقة الكفن بل أخذ يسلخ جلود الموتى ، فأصبح الناس يقولوا يرحم ابوه كان يسرق الكفن فقط .
مرة اخرى نتمنى لهذه الحكومة برئاسة الدكتور عمر الرزاز أن تحقق وتنجز برنامجها الذي يأمل به كل مواطن ، وسنحاول أن نخفي تشاؤمنا من المستقبل وأن تأخذ فرصتها كسابقاتها ، رغم أنه كما قال المثل "لو فيها غيم رشرشت"