دولة الرئيس.. كن أنت!

أعتقد أن على الرئيس عمر الرزاز، أن يكون هو نفسه الذي عرفناه سابقا في مؤسسة الضمان الاجتماعي مديرا، وفي التربية والتعليم وزيرا، وعرفناه أيضا عبر منتديات ثقافية وسياسية وفكرية أو في حديقة المتنزه في اللويبدة لحضور فعالية ثقافية أو اجتماعية أو في مؤسسة عبد الحميد شومان مثقفا، أو في أماكن أخرى متعددة.
دولة الرئيس نريدك كما أنت، وكما كنت دوما تحمل فكرا تنويريا يبحث عن دولة حضارية وعدالة اجتماعية، وتكافؤ فرص وسيادة قانون، نريدك كما أنت تؤمن بالمواطنة وترفض الأفكار الجندرية وتشجع الشباب في بحثهم عن دور وحضور في المشهد العام.
نعم دولة الرئيس؛ نريدك كما عرفناك سابقا، ولا نريد أن نرى فيك أي شخص آخر. نريدك عمر الرزاز الذي عرفناه؛ المدير والوزير والمثقف والسياسي وابن المفكر وأخ الروائي المبدع، نريدك كما أنت ابن الوطن الذي يحمل فكرا تنويريا مختلفا عن أي فكر آخر، نريدك كما أنت مبتسما، ملتحيا، بشوشا، محاورا، مغردا عبر تويتر، ومتابعا للتواصل الاجتماعي، نريدك أيها الرئيس كما عرفناك، وأن لا تتغير.
دولة الرئيس، نريدك شفافا، تتحدث مع الأردنيين بشفافية وتقدم لهم الحقائق كما هي مهما كانت صعبة ومقلقة، نريدك صاحب ولاية يدافع عن الدستور ولا يقبل أن يتجاوزه، نريدك محاربا للفساد فعلا لا قولا، ونريد أن نرى فاسدين خلف القضبان، نريد تسريع إصلاح نلمسه على أرض الواقع، ووزراء يؤمنون أن عملهم هو الذي يؤمن لهم البقاء في مواقعهم ولا يركنون على حماية هذا الطرف أو ذاك.
لذا سيدي الرئيس؛ نريدك كما أنت، وكما عرفك الأردنيون، فالأردنيون اليوم يريدون رؤية محاربة فساد حقيقية، وتقليص نفقات وتقنين مصاريف، وإعادة الاعتبار للطبقتين الوسطى والفقيرة وفرص عمل، والأردنيون الذين جلسوا في الدوار الرابع من دون أن تخرج منهم هتافات تسيء لدولتهم وتعكر صفو سلميتهم يريدون دولة حضارية لا يسود فيها فكر التنمر والاستقواء.
دولة الرئيس نعم نريد منك أن تضع حدا للتنمر على الدولة والاستقواء عليها، نريدك أن تؤسس لفكر أن الجميع أمام الدولة سواء، وأن لا فضل لأحد على الدولة وإنما الدولة لها فضل على الجميع، والجميع للوطن وليس عليه.
دولة الرئيس لا نريد مناطق لا يمكن دخولها ولا مسطحات لا يجوز الاقتراب منها، كما لا نريد متنفذين بعيدا عن المساءلة ولا خطاب كراهية من دون محاسبة صاحبه، ولا فكر إقصاء من دون الوقوف بوجه مطلقه.
نعم دولة الرئيس نريد إعلام دولة للجميع، إعلام دولة وليس إعلام حكومة، إعلاما تحضر فيه أحزاب المعارضة كما تحضر فيه الحكومة، إعلاما نلجأ اليه ولا يكون عبئا علينا، إعلاما يتحدث بشفافية ووضوح.
دولة الرئيس، نريد أن نراك تنويريا حداثيا، صاحب رؤية اقتصادية واضحة، نريد أن ندفع ضرائب ونلمس مردودها على أرض الواقع، نريد رؤية صحية واضحة وتأمينا اجتماعيا حقيقيا ومستشفيات حكومية متقدمة، نريد رؤية تربوية وتعليمية أكثر وضوحا، كما نريد رؤية ثقافية تنقلنا من مربع رمادي لآخر أكثر بياضا، نريد رؤية سياسية تقبل الرأي الآخر، وتمنح الأحزاب حق التواجد والعمل ولا تترك أي طرف يقلص نفوذ الأحزاب ويعرقل مسيرتها.
لذا دولة الرئيس نريدك كما أنت، ولا نريد أن نرى فيك أي أحد غيرك.