هاني الملقي .. ما يزال يبتسم


من رأى الرئيس هاني الملقي يتجول بسيارته المرسيدس في وسط عمان، ويحيي الناس مبتسماً ويتلقى التحية منهم، يدرك أن هذا الرجل ، الذي ما زال مرتبطاً بوسط البلد، ويفضل شراء الهريسة من أحد محلاته القديمة.. وربما بعض العصائر أيضاً، تجاوز أزمة رحيل حكومته، والظروف التي احاطت بها، ويتطلع الى الغد باشراق.
عادة لا يتجول الرؤساء حين يغادرون الدوار الرابع بمثل اريحيته، بل ويحصرون تحركاتهم الا فيما ندر، تجنباً للقاء الناس، فكيف بـ"مغامرة " النزول الى وسط البلد.. حيث نبض الناس؟.
ولا يذكر الرؤساء حين يرحلون عن سدة الرابع بخير؛ الا فيما ندر، بل يسارع كثيرون الى المؤاجرة بهم.. على اعتبار ان ما لم يستطيعوا قوله في حضورهم يقولوه في غيابهم، بل أن ثمة من يكسر جرة في وداعهم.
الحق انني لا اتفق مع من فعلوا ذلك مع هاني الملقي، واعتقد ان الرجل دافع عن البلد وعما كان يراه صوابا حتى اللحظة الاخيرة..وفي ظنه، ان الناس لم تمهله ليحقق ما وعد به من انفراجة في العام المقبل.
اشتغل هاني الملقي في الشأن الاقتصادي اكثر من اي رئيس سبقه، على الاقل خلال العشر سنوات الماضية وبحكم انه مطل على الوضع من موقعه، ارتأى ان يكون الجراح الذي يجري عملية جراحية لانقاذ الاقتصاد، بدل التحسيس على العارض كدأب رؤساء وزارات سبقوه، مغامرا بذلك بشعبيته وشعبية حكومته التي تراجعت الى مستوى قياسي بحدود ٣٠ في المائة، بحسب آخر استطلاع لمركز الدراسات الاستراتيجية.
وهي النسبة التي انهارت تماما..حبن تدافع الناس للاحتجاج على سعيه لاقرار قانون ضريبة الدخل.. بل وكادت الشعرة بينه وبين الناس تقطع، فالملقي لم يفكر كثيراً في تبعات خطواته وتأثيرها على الناس، واندفع بقوة لتحقيق رؤاه.
والحق أن الرجل وقد رحل الأن، وضع مصلحة البلد نصب عينيه، واجتهد..
الملقي اشتغل ايضاً، وفق مقرب منه، اضافة الى الشان الاقتصادي على الإصلاح الإداري ومحاربة الفساد، وتحقيق الإصلاح السياسي، وتطوير القضاء، وقطاع التعليم والموارد البشرية، وقطاع التشغيل والعمل، ومجال الحماية والتنمية الاجتماعية، وقطاع الخدمات.
كما بذلت الحكومة جهودا لعودة فتح السوق العراقية، كونها أحد الاسواق التصديرية المهمة لقطاعات سلعية وطنية.
لذا على عكس ما يشاع، غادر الملقي موقعه وهو موقن انه ادى رسالته، ودفع ثمنها.
ما اعرفه عن الملقي انه حين كثر خصومه في مرحلة ما ، وجاءته عروض للعمل مستشاراً خارج الاردن .. رفضها جميعاً، فهو لا يرى نفسه إلا في البلد.
وحين كتبت مرة " كم ينسى الملقي" اتصل بي معاتباً، لكني ما زلت عند رأيي.. رغم انه سيبتسم!